للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه نتيجة طبيعية للانهزام الداخلي في نفوسهم، حيث رأوا أن أعداء الله تفوقوا في القوة المادية فانبهروا بهم، ولأمر ما رسخ وترسب في أذهان المخدوعين أن هؤلاء الأعداء هم رمز القوة والقدوة، وصدق الرسول حيث قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه" قلنا: يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ " (١).

١١ - اتخاذهم بطانة من دون المؤمنين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: ١١٨].

لا يألونكم خبالا: لا يقصرون ولا يتركون جهدهم فيما يورثكم الشر والفساد (٢).

[من قصص الولاء والبراء]

عثمان بن مظعون

قال ابن إسحاق: لما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أحباب رسول الله من البلاء، وهو يغدو ويروح في أمان من الوليد بن المغيرة قال: والله إن غدوى ورواحي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله لا يصيبني، لنقص كبير في نفسي، فمشى إلى الوليد بن المغيرة فقال له: يا أبا عبد شمس، وفت ذمتك، قد رددت إليك جوارك، فقال له: يا ابن أخي لعله آذاك أحد من قومي؟ قال: لا، ولكني أرضى بجوار الله، ولا أريد أن أستجير بغيره، قال: فانطلق إلى المسجد فرد عليّ جواري علانية كما أجرتك علانية.

قال: فانطلقا فخرجا حتى أتيا المسجد، فقال الوليد: هذا عثمان قد جاء يرد عليَّ جواري، قال: صدق، قد وجدته وفيا كريم الجوار، ولكني قد أحببت ألا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره، ثم انصرف عثمان، ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب في مجلس من قريش ينشدهم، فجلس معهم عثمان فقال لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل.


(١) البخاري (٣١٩٧) كتاب أحاديث الأنبياء- باب ما ذكر عن بني إسرائيل.
(٢) الولاء والبراء للقحطاني ١٨٦: ١٨٩، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>