للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكتب أحد الشعراء لإخوانه في مثل هذا:

من اليوم تعارفنا ... ونطوي ما جرى منا

فلا كان ولا صار ... ولا قلتم ولا قلنا

وإن كان لابد ... من العتب فبالحسنى (١)

[الحسد]

الحسد لا يكون إلا بسبب نعمة أنعم الله بها على الإنسان، فمن كره تلك النعمة أحب أن تزول عن أخيه المسلم فهو حاسد.

تعريف الحسد: أن تكره النعمة التي أنعم الله بها على غيرك، وتحب زوالها، ولو تمكنت من إزالتها لأزلتها، فإذا لم تكرهها ولم تحب إزالتها، ولكنك تشتهي مثلها فإن هذا يسمى غبطة: "لا حسد إلا في اثنتين" والغبطة والمنافسة محمودتان، والحسد مذموم. إلا إذا كانت النعمة في يد فاجر أو فاسق فإن حب زوال النعمة الآن ليس من أجل النعمة وإنما من أجل الفساد المترتب عليها.

قال عبد الله بن مسعود: لا تعادوا نعم الله، قيل له: ومن يعادي نعم الله؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، يقول تعالى في بعض كتبه: "الحسود عدو نعمتي، يتسخط لقضائي، غير راض بقسمتي".

أعطيت كل الناس من نفسي الرضا ... إلا الحسود فإنه أعياني

ما إن لي ذنبًا إليه علمته ... إلا تظاهر نعمة الرحمن

وأبى فما يرضيه إلا ذلي ... وذهاب أموالي وقطع لساني

قال الأحنف بن قيس: لا راحة لحسود، ولا وفاء لبخيل، ولا صديق لملول، ولا مروءة لكذوب، ولا سؤدد لمن ليس له خلق.

[عاقبة حاسد]

ورد أن رجلاً ترك ولدين بعد مماته، وخلف لهما مالاً لا بأس به، فاقتسماه وتصرف كل منهما في حقه، فاستغله الابن الأصغر في التجارة، وأخلص لله في عمله، وكان كثير


(١) الطراز الرباني: ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>