للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يختاره بإذنه، ليس لهم من الأمر شيء، ولا حول ولا قوة، ولكن الله يختارهم لتنفيذ مشيئته، فيكون منهم ما يريده بإذنه، وهي حقيقة خليقة بأن تملأ قلب المؤمن بالسلام والطمأنينة واليقين (١).

[وقفة]

قال البنا: إن الأمة التي تحسن صناعة الموت، وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة، يهب لها الله الحياة العزيزة في الدنيا، والنعيم الخالد في الآخرة، وما الوهم الذي أذلنا إلا حب الدنيا وكراهية الموت، فأعدوا أنفسكم لعمل عظيم واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة.

واعلموا أن الموت لابد منه، وأنه لا يكن إلا مرة واحدة، فإن جعلتموها في سبيل الله كان ذلك ربح الدنيا وثواب الآخرة، وما يصيبكم إلا ما كتب الله لكم، وتدبروا جيدًا قول الله تبارك وتعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: ١٥٤]. فاعملوا للموتة الكبرى تظفروا بالسعادة الكاملة.

[عزاء والد الشهيد]

يقول الأستاذ عمر التلمساني: لقد أحيا الإمام الشهيد البنا روح الجهاد في نفوس أبناء هذا الجيل، وتأثر الإمام، وتأثر الشباب، وتأثر آباؤهم وكانت مواقف رائعة.

استشهد أحد أبناء الإخوان في فلسطين، فذهب الإمام إلى والد الشهيد ليعزيه، فسمع الناس ورأوا درسًا باهرًا، وقال الوالد للإمام: إن كنت جئت معزيًا فارجع أنت ومن معك. وأما إن كنت جئت لتهمئني فمرحبًا بك وبمن معك، لقد علمتنا الجهاد وبينت لنا ما فيه من عزة ورفعة في الدنيا، وأجر كريم في الآخرة فجزاك الله خيرًا، وإني لحريص على


(١) في ظلال القرآن: (١/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>