للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلت لها: لا تقولي بحبك لي، ولكن قولي: بحبي لك.

فقالت: يا مولاي بحبه لي أخرجني من الشرك إلى الإسلام، وبحبه لي أيقظ عيني وكثير من خلقه نيام.

هل أنت مستقيم ومواظب على قيام الليل؟

[نموذج فريد]

هذا الإمام أحمد في محنته التي أرادوا فيها أن ينطق بأن القرآن مخلوق فأبى أن ينطق إلا بالحق، فأمر المعتصم أن يأتوا بالإمام أحمد في الشمس وهو صائم، وأمر بحضور الجلادين، فلما جيء بالسياط نظر إليها المعتصم وقال: ائتوني بغيرها، ثم قال للجلادين: تقدموا، فجعل يتقدم الرجل إلى الإمام أحمد ويضرب سوطين فيقول المعتصم للجلاد: شد قطع الله يديك، فلما ضربوه تسعة عشر سوطًا، قام المعتصم وقال: يا أحمد، علام تقتل نفسك، وإني والله عليك لشفيق، فجعل ينخسني بقائمة السيف، ويقول: أتريد أن تغلب هؤلاء كلهم، وجعل بعضهم يقول: ويلك الخليفة على رأسك، وقال بعضهم: يا أمير المؤمنين دمه في عنقي أقتله.

فقال المعتصم: ويحك يا أحمد ما تقول؟

فقلت: أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسول الله أقول به.

فرجع وجلس وقال للجلاد: تقدم وأوجع قطع الله يدك، ثم قام الثانية فجعل يقول: ويحك يا أحمد أجبني، فجعلوا يقبلون علي، ويقولون: يا أحمد، إمامك على رأسك قائم، فظلوا يضربونني حتى فقدت وعيي، فقال لي رجل ممن حضر: كببناك على وجهك، وطرحناك على ظهرك، ودسناك بالأقدام.

فقلت له: ما شعرت بذلك، فلما أفقت أتوني بسويق فقالوا لي: اشرب وتقيأ، فقلت: لا أفطر، ثم جيء بي إلى دار إسحاق بن إبراهيم، فحضرت صلاة الظهر فتقدم ابن سماعة، وصلى، فلما انفتل من الصلاة قال لي: صليت والدم يسيل منك، فقلت: قد صلى عمر بن الخطاب وجرحه يثعب دمًا (١).


(١) الناطقون بالحق (٣٢٧، ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>