للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٤٠)} [الزمر: ٣٩ - ٤٠].

[استحضار نية الجهاد]

أقبل ثابت بن قيس على الجهاد، لطلب الشهادة ودخول الجنة، ومضى به الأجل إلى حروب الردة ضد مسيلمة الكذاب ومدعى النبوة، وفيها تحنط ثابت وتكفن ووقف على رءوس الأشهاد وقال: يا معشر المسلمين، ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله، بئس ما عودتم أعداءكم من الجرأة عليكم، وبئس ما عودتم أنفسكم من الانخذال لهم، ثم رفع طرفه إلى السماء، وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء من الشرك -يعني مسيلمة وقومه- وأبرأ إليك مما يصنع هؤلاء -يعني المسلمين- ثم هبَّ هبة الأسد الضاري كتفا لكتف مع البراء بن مالك وزيد بن الخطاب، وما زال يجالد حتى خر صريعا.

[قوة بدنية فائقة]

وهذا أبو أيوب الأنصاري يبلغ ثمانين سنة، ولم يمنعه ذلك من الخروج مع جيش المسلمين لفتح القسطنطينية تحت قيادة يزيد بن معاوية، لكن لم يمض غير وقت قليل على منازلة العدو حتى مرض أبو أيوب مرضا أقعده عن مواصلة القتال، فجاء يزيد ليعوده ويسأله: ألك حاجة يا أبا أيوب؟

فقال: اقرأ عني السلام على جنود المسلمين، وقل لهم: يوصيكم أبو أيوب أن توغلوا في أرض العدو إلى أبعد غاية، وأن تحملوه معكم، وأن تدفنوه تحت أقدامكم عند أسوار القسطنطينية. ولفظ أنفاسه المطهرة.

استجاب جند المسلمين لرغبة أبي أيوب، وكروا على جند العدو الكرَّة بعد الكرة، حتى بلغوا أسوار القسطنطينية وهم يحملون أبا أيوب معهم، وهناك حفروا له قبرا وواروه فيه، رضي الله عنهم جميعا (١).

[قوة في الرمي]

أقبل وهب بن قابوس ومعه ابن أخته الحارث بن عقبة بغنم لهم من مزينة فوجدا المدينة خالية، فسألا: أين الناس؟ فقالوا: بأحد، خرج رسول الله يقاتل المشركين فقالا: لا


(١) الناطقون بالحق ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>