للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي أمامي طبيب .. جاء يسأل عن المريض!! وبعد أن أتم الكشف وقدم بعض الدواء الذي يكون معه عادة، نزل بعد أن أدرك حالة الأسرة وظروفها. وحين عاد الطبيب إلى منزله دق التليفون ليستعجلوا الطبيب. فتعجب الطبيب وقال: لقد عدت من عندكم لتوي الآن. وتبين للطبيب بعد ذلك أن السكن الذي كان يقصده في نفس المنزل يقع أمام التي طرق عليها الباب خطأ. فسبحان من له الكون كله يسيره حيث يشاء. فاعتبروا يا أولي الألباب؟ (١).

[عاقبة الخوف من الله]

دخل ثابت بن النعمان إحدى المزارع، وكان جائعًا متعبًا، فشدته نفسه لأن يأكل وبدأت المعدة تقرقر، فأطلق عينيه في الأشجار فرأي تفاحة، فمد يده إليها ثم أكل نصفها ثم شرب من ماء النهر بجانب المزرعة، لكن انتبه بعد ذلك من غفلته بسبب الجوع وقال لنفسه: ويحك كيف تأكل من ثمار غيرك دون استئذان، وأقسم ألا يرحل حتى يدرك صاحب المزرعة ويطلب منه أن يحلل له ما أكل من هذه التفاحة، فبحث حتى وجد داره فطرق عليه الباب، فلما خرج صاحب المزرعة استفسر عما يريد، قال ثابت: دخلت بستانك الذي بجوار النهر وأخذت هذه التفاحة وأكلت نصفها، ثم تذكرت أنها ليست لي وأريد منك أن تعذرني في أكلها، وأن تسامحني عن هذا الخطأ.

فقال الرجل: لا أسامحك، ولا أسمح لك أبدًا إلا بشرط واحد.

قال ثابت: وهو ثابت بن النعمان: وما هو هذا الشرط؟

قال صاحب المزرعة: أن تتزوج ابنتي.

قال ثابت: أتزوجها.

قال الرجل: ولكن انتبه! إن ابنتي عمياء لا تبصر، خرساء لا تتكلم، وصماء لا تسمع. وبدأ ثابت بن النعمان يفكر ويقدر ماذا يفعل؟ ثم علم أن الابتلاء بهذه المرأة وتربيتها وخدمتها خير من أن يأكل الصديد في جهنم جزاء ما أكله من التفاحة. وما الأيام وما الدنيا إلا أيام معدودات، فقبل الزواج على مضض وهو يحتسب الأجر


(١) حكايات عن الإخوان (١/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>