للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ج)

تقريظ

الشريف حاتم بن عارف العونى -حفظه الله-

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتقى حدَّه.

آما بعد: فإنه لا يخفى على المشتغلين بعلم الحديث ما لأحكام الآئمة في الرواة جرحاً وتعديلاً من الأهمية الكبرى وما لها من الأثر العظيم على الروايات قبولاً وردًّا. غير أن عزوف كثير من المشتغلين بعلم الحديث (فضلاً عمن سواهم) عن استكمال جمع تلك الأحكام في الرواة، وهجومهم على الأحاديث تصحيحًا وتضعيفًا قبل بذل الجهد الكافي في ذلك، إلى درجة الاكتفاء بكتاب واحد أوكتابين، بل إلى درجة الاستغناء باجتهاد عالم واحد في حكمه على الرواة يشهد بأن فاعل ذلك لم يُقدر أحكام النقاد على الرواة حق قدْرِها, ولا عرف المنهج الصحيح في التعامل معها, ولا قارب ذلك.

ولكي تتضح لنا أهمية كل حكم من أحكام نُقَّاد السنة على الرواة، فإنه يكفي أن نستحضر في أذهاننا تلك المراحل الكثيرة المتشعبة العميقة من التأمل والبحث والدراسة، وذلك الجهد العظيم الذي يبذله أئمة السنة، لكي يصلوا لتلك النتيجة في الراويَ، والتي تتَرْجَم بحكم يتكون من لفظ واحد أو ألفاظ يسيرة فيه (مثل: ثقة، أو: ضعيف)!!! هذه الأحكام التي لا تُعطى حق إصدارها في الراوي أصلاً، إلاَّ لطائفة قليلة من نخبة مصطفاة من علماء الأمة.!!

ولذلك فإنه يحق لي، في عصر سيطرت على تصورات أهله وموازين تقديراتهم للأشياء تقاليد ورسوم وألفاظ جديدة، أن أقول: إن كل حكم من أحكام أئمة الجرح والتعديل على كل راوٍ من الرواة، هو في حقيقته نتيجة كبرى لبحوث مختبرية، أصدرتها أعظم المختبرات التي عرفتها البشرية في نقد المنقولات؛ ولذلك فإن كل حكم من تلك الأحكام يستحق صاحبه ومصدره جائزة عالمية كبرى على خدمة الإِسلام، وبالتالي: على خدمة البشرية!!!

لقد كنت في كل مرة أكلم فيها عن أهمية الحِفاظ على تلك الأحكام، وعلى ضرورة جمعها وتيسيرها للباحثين، أقول- اهتزت مشاعري كلها لذلك-: إن صفحة واحدة من صفحات كتب الجرح والتعديل لأئمة النقد، أو من صفحات علل الحديث، لتسوي متاع الدنيا

<<  <  ج: ص:  >  >>