للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الشامِتُون بموتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - "حركة البِغاء بحَضرمَوْت" أيامَ الرِّدَّة:

قامت بعضُ بناتِ اليمن من يهودَ أوْ مَن لفَّ لَفَّهم، في حَضْرَموت، فقد طِرْنَ فَرَحًا بموتِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقَمْنَ الليالي الحمراءَ مع المُجَّانِ والفسَّاق، يُشَجِّعْنَ على الرذيلة، ويُزرِينَ بالفضيلة، فقد رَقَص الشيطانُ فيها معهنَّ وأتباعهُ طَرَبًا لنكوصِ الناس عن الإِسلام والدعوةِ إلى التمرُّد عليه وحَربِ أهله (١)، لقد حَنَّتْ تلك البغايا إلى الجاهلية وما فيها من المنكَرات، وانجَذَبْنَ إليها انجذابَ الذُّبابِ إلى أكوامٍ من الأقذار، فقد تَعَوَّدْنَ على الفاحشة في حياتِهنَّ الجاهلية، فلما جاء الإِسلامُ حَجَزَتْهنَّ نظافته عنها، فشَعُرْنَ وكأنهنَّ بسِجنٍ ضيق يَكَدْنَ يَختَنِقْنَ فيه، ولذا ما إنْ سَمِعْنَ بموتِه - صلى الله عليه وسلم - حتى أظْهَرْنَ الشماتةَ، فخَضَبْنَ أيديَهنَّ بالحِنَّاء، وقُمْنَ يَضْرِبْنَ بالدفوف، ويُغنِّينَ فَرَحًا، فقد تحقق لهن ما كنَّ يتمنَّينَه على السُّلطة الجديدة، وكان معظَمهنَّ من عِلْيةِ القوم هناك، وبعضهن يهودياتٌ، وقد كان لِكلا الطرفَين مِن أشرافِ القوم -العربِ واليهودِ- مصلحةٌ في الانتقاضِ على مبادئِ الإِسلام، والانقضاضِ على كِيانه، لقد عرفت هذه الحركة في التاريخ بـ "حركة البغايا"، وكنَّ نيِّفًا وعشرينَ بغيًّا متفرِّقاتٍ في قرى "حَضْرَمَوْت"، وأشهرهنَّ "هر بنت يامِن" اليهودية التي ضُرب المَثَلُ بها في الزنا، فقيل: "أزنى مِن هر"، وَيذكر التاريح أن الفُسَّاقَ كانوا يتناوَبونها لهذا الغرض في الجاهلية، ولكنَّ هؤلاء السواقطَ لم يُتْرَكْنَ وشأنَهُنَّ يُفسِدْنَ في


(١) "حركة الردة" للعتوم (ص ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>