للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُنكِرُو السُّنَّةِ مِن أكبرِ شانِئي الرسول - صلى الله عليه وسلم -

اعلمَ يا أخي أن الاعتصامَ بالسُّنةِ نجاة .. قال تعالى عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}. وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}.

- ولا بدَّ للمسلم في كلِّ نَفَسٍ من أنفاسِه هِجرةٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حَرَكاتِه وسَكَناتِه الظاهرةِ والباطنة، بحيث تكونُ موافقةً لشَرعِه الذي هو تفضيلُ مَحَابِّ الله ومَرضاته، ولا يَقبلُ اللهُ مِن أحدٍ دِيَنًا سواه، وكلُّ عَمَلٍ سواه فعَيشُ النفس وحَظُّها -لا زادُ المعاد-.

° قال بعضُ العارفين: "كلُّ عملٍ بلا متابعةٍ فهو عيشُ النفس" (١) والمؤمنونَ في أهلِ الإِسلام غُرباء، وأهلُ العِلمِ في المؤمنين غرباء، وأهلُ السُّنةِ -الذين يُميِّزونها من الأهواء والبدع- فيهم غرباء، والدَّاعون إليها الصابرون على أذى المخالِفِين هم أشدُّ هؤلاء غربةً .. ولكنَّ هؤلاءِ هم أهلُ الله حقًّا، فلا غُربةَ عليهم، وإنما غُربتُهم بين الأكثرين الذين قال الله عز وجل فيهم: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام: ١١٦].

فأولئك همُ الغرباءُ عن الله عَزَّ وَجَلَّ ورسولِه ودينه، وغربيُهم هي الغربةُ المُوحشة، وإن كانوا هم المعروفين المشارَ إليهم، كما قيل:

فليس غريبًا مَن تناءتْ ديارُهُ … ولكنَّ مَن تَنْأيْنَ عنهُ غريبُ

* وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ


(١) انظر "طريق الهجرتين" لابن القيم (ص ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>