للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيمانًا، وصاحبَ الدين الحقِّ، الذي يبقى ما بَقِيَ في الأرض دِين. سيطلُع في الأُفقِ هلالٌ ويَغيب هلال، وتُقبِلُ السَّنةُ القمريةُ بعد السَّنةِ القمرية بمَعْلَمٍ من معالم السماء، يُوميء إلى بقعةٍ من الأرض هي غارُ يوم الهجرة، ويومئُ إلى يومٍ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو أجملُ أيامه؛ لأنه أدلُّ الأيامِ على عُلوِّ همَّته، وأخلصُها لعقيدته ورجاءُ سريرته .. يومَ أن تَرك رسولُ الله وراءَه كلَّ شيء من أجل دينه ودعوته.

إن مِن سَعةِ نفْسه - صلى الله عليه وسلم -، وآفاقِ نفْسِه الواسعة: أنها شَملت كلَّ ناحيةٍ من نواحي العاطفةِ الإنسانية، وهي المقياسُ الذي يُبدي من العظمةِ ما يُبديه الجِدُّ في أعظمِ الأعمال .. لقد نَهَض رسولُنا - صلى الله عليه وسلم - بأعظم الأمور؛ وهو إقامةُ دينِ اللهِ وإصلاحُ الثقليْن، وتحويلُ مجرى التاريخ، ثم يَطيبُ نَفسًا في مُزاحٍ مع إخوانه أو مع أولاده أو مع عَبيده، فكان المثالَ الفذَّ في كلِّ هذا .. وأريحيَّةً لا تُدانيها أريحية، تدلُّ على منتهى نقاءِ السريرة في بني الإنسان.

* عظمةُ العَظَماتِ عند رسولنا - صلى الله عليه وسلم -:

لقد تمَّت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - معجزتُه التي لم يصارعْه فيها أحد قبله .. لقد رَبَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نُخبةً من ذوي الأقدار تجمعُ بين عظمةِ الحَسَبِ، وعظمةِ الثروة، وعَظَمة الرأي، وعَظَمة الهمة، وكلٌّ منهم ذو شأنٍ في عظمته تقومُ عليه دولة وتَنهضُ به أُمَّة؛ كما أثبت التاريخُ من سِيَر أبي بكر وعمرَ وعثمانَ وعلي، وأبي عُبيدة وسعدٍ والزبيرِ وطلحة، وخالدٍ وأسامةَ وابنِ العاص - رضي الله عنهم - .. وسائر الصحابة الأوَّلِين ..

أئمَّةٌ شرَّفَ اللهُ الوجودَ بهمْ … سامُوا العلا فسَمَوْا فوقَ العلا رُتَبَا

<<  <  ج: ص:  >  >>