للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدنى إليه منها كما قيل:

يا مقيمًا مدى الزمانِ بقلبي … وبعيدًا عن ناظري وعياني

أنت رُوحي إن كنتُ لستُ أراها … فهيَ أدْنى إِليَّ من كلِّ دانِي

° وقال آخر:

يا ثاويًا بين الجوانح والحَشَا … منِّي وإنْ بَعُدَتْ عَلَيَّ ديارهُ

° وإنه لَيَلْطُفُ شأنُ المحبَّة حتى يرى أنه أدْنَى إليه وأقربُ من رُوحه، ولي من أبياتٍ تلمُّ بذلك:

وأدْنَى إلى الصَّبِّ مِن نفسِه … وإنْ كانَ عن عينه نائيا

ومَن كان مع حُبِّهِ هكذَا … فأنَّى يكون له ساليا

ثم يلطفُ شأنُها وَيقهرُ سلطانُها حتى يغيب المحبُّ بمحبوبهِ عن نفسِه، فلا يشعر إلاَّ بمحبوبه ولا يشعر بنفسه" (١).

* لا تنقطع عن نبيِّك الكرِيم - صلى الله عليه وسلم - ولو ثانيةً من الزمان .. وعِش فيه أبدًا:

° قال الرافعيُّ -رحمه الله-: "عجيبٌ أن يجهلَ المسلمون حِكمةَ ذِكرِ النبي العظيم - صلى الله عليه وسلم - خمسَ مراتٍ في الأذان كلَّ يوم، يُنادَى باسمه الشريف ملءَ الجو؛ ثم حكمةَ ذِكرِه في كل صلاةٍ من الفريضة والسنة والنافلة، يُهمَس باسمِه الكريم ملءَ النَفْس! وهل الحكمةُ من ذلك إلاَّ الفرضُ عليهم ألاَّ ينقطعوا من نبيهم ولا يومًا واحدًا من التاريخ، ولا جُزْءً وحِدًا من اليوم، فيمتد الزمنُ مهما امتدَّ والإسلامُ كأنه على أَوَّله، وكأَنَّه في يومِه لا في دَهْرٍ بعيد، والمسلمُ كأنه مع نبيِّه بين يديْه تبعثُه رُوح الرسالة، ويَسطعُ في نفسِه


(١) "بدائع الفوائد" لابن قيم الجوزية (٢/ ١٩١ - ١٩٢) مكتبة ابن تيمية - القاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>