للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقصد "تيْماء"، وهي دِهيلزُ المدينة -على ساكنها السلام-، واغتَنَم كونَ البريةِ مُعْشِبَةً مُخْصِبةً في هذا العام. والعجبُ أنَّا نُحامِي عن قبرِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، مشتغِلِين بهَمّه، والمذكورُ -يعني صاحبَ المَوْصل- يُنازعُ في ولايةِ هي لنا ليأخذَها بيَدِ ظُلمِهِ .. " (١).

° وفي سنة ٥٧٨ هـ كتب أبو شامة في "عيون الروضتين" فصل "في أخذ الفرنج السَّالكين لقَصدِ الحجاز": "قال العماد: وفي شوَّال سنة ثمانٍ وسبعين كانت نُصرةُ الأسطولِ المتوجهِ إلى "بحر القُلْزمُ" (٢)، والمُقدَّم فيه الحاجبُ "حسام الدين لؤلؤ" لطلب الفرنجِ السالكينَ بَحرَ الحجاز؛ وذلك أن الإبرنس -أرناط- صاحب الكَرَك لَمَّا صعُب عليه ما توالي عليه من نكايةِ أصحابنا المقيمين بقلعةِ "أَيْلَة" -وهي في وَسَط البحر، لا سبيل عليها لأهل الكفر-، وأفكر في أسبابِ احتياله، وفَتَح أبوابَ اغتياله، فبَنَي سُفُنًا، ونَقَل أخشابَها على الجِمالِ إلى الساحل، ثم ركَّب المراكب، وشَحَنها بالرجال وآلاتِ القتال؛ ووقَّف منها مركبينِ على جزيرة القلعة، فمَنَع أهلَها من استقاءِ الماء، ومضى الباقون في مراكبَ نحوَ "عَيْذَاب"، فقطعوا طريقَ التجَّار، وشَرَعوا في القتلِ والنَّهْبِ والإسار، ثم توجهوا إلى أرضِ الحجاز، فتعذَّر على الناسِ وجهُ الاحتراز، فعَظُمَ النبلاء، وأعضَل الدَّاء، وأشرفَ أهلُ المدينةِ النبوية منهم على خطَر، ووَصَل الخبرُ إلى مصرَ وبها


(١) كتاب "عيون الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية" (٣/ ٨٢، ٨٣) لأبي شامة- مؤسسة الرسالة.
(٢) هو البحر الأحمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>