للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفرضَ الحقيقة، وربَّما كان ذلك في البداية دون وعيٍ، ثم بنصفِ وعيٍ، وفي النهاية بوعي كامل! " (١).

وهو هنا يُحاولُ أن يُطبِّقَ مفاهيمَ النصارى وتَصوُّراتِهم على الإسلام .. ثم كيف يَعترفُ له بالنبوَّة ويَتَهمه بالكذب -حاشاه- وبأنه يَنقصُه تمامًا مفهومَ "القداسة"؟! ثم بجهله ونصرانيَّته المحرَّفة يَعيبُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قد حَوَّل الدينَ إلى السياسة، وليس في الإسلام مقولةُ النصارى القاصرة "ما لقيصر لقيصر .. وما لله لله".

* هوبرت جريمه H. Grimme (١٨٦٤ - ١٩٤٢) :

" هوبرت جريمه" مستشرقٌ ألماني كان أُستاذًا للغات الشرقية في "مونستر" بألمانيا، ومن مؤلَّفاته "محمد" في جزئين، وله دراساتٌ حولَ اسم "محمد"، وله مقدمةٌ في القرآن، ونَسَّقَ علمَ الإلهيات القرآني، ولهذا الدجَّال الأشِر كلامٌ عن شكل السُّور القرآنية وتتابُعِها الزَّمني، وسار فيه على دَربِ مَن سَبَقه من النصارى .. والأمر الذي عليه المسلمون أن هذه القضيةَ قضيةٌ توقيفية لا تَخضعُ للاجتهاد البشريِّ، والنبى - صلى الله عليه وسلم - لم يَترك الأمر في ذلك للأهواءِ والأغراض، بل حَسَمه بتوجيهٍ إلهيٍّ تَمَّ بِناءً عليه ترتيب الآياتِ والسُّوَر على النحوِ المعروفِ في المصحف.

° ويذهب "جريمه" إلى القول بأن محمدًا كان في المَقام الأوَّلِ مثيرًا للفِتَنِ أو محرِّضًا " Agitator" ذكيًّا وسياسيًّا كبيرًا، وفي المدينة تطوَّر محمدٌ -حَسْبَ رأي "جريمه"- في تزايدِ مستمر إلى دجَّالِ عن وَعي بذلك، ولكن


(١) المصدر السابق (ص ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>