للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(Die apokryphe Literatur) لهذين الدينين (١)، وقد كان محمدٌ -فضلاً عن ذلك- رجلاً أُمِّيًّا، وهكذا ظَلَّت الكُتبُ المقدَّسةُ اليهوديةُ والمسيحيةُ غريبةً عنه، وعن طريقِ الحديثِ فقط مع أتباع هذين الدينينِ تعرَّف محمدٌ عليهما كما كانا قائمَينِ في بلادِ العربٍ حينذاك، ويضافُ إلى ذلك أن من الأمور التي تركت لديه انطباعًا خاصًّا كان فنُّ قراءة النصوص المقدَّسة، أو فنُّ تلاوتها وترتيلِها في صلواتِ اليهود والمسيحيين، خاصةً وأنه قد سَمع الناسَ يقولون -واعتقد (ما يقولون) بلا حدود- أن الكُتبَ والألواحَ التي يقرؤُها اليهودُ والمسيحيُّون في صلواتهم، والتي تتضمَّنُ شرائعَهم ومؤسساتِهم ليست ذاتَ مصدرٍ إنسانيٍّ، بل مصدرُها إلهيٌّ.


(١) يحاول "سنوك هورجرونيه" هنا -وفيما يلي من تفاصيل- بيانَ أن الإسلام دين مأخوذ أساسًا من اليهودية والمسيحية، وقد كانت المعلوماتُ التي تلقَّاها محمد عن هذين الدينين معلوماتٍ ناقصةً وقاصرةً، نظرًا لاعتمادها على مصادرَ مشكوكِ فيها، وهذا الاتجاهُ يكادُ أن يكونَ اتجاهًا عامًّا لدى المستشرقين الذين يُريدون أن يُظهِروا الإسلامَ بمَظهرِ الدينِ البشري الملفقِ من تلك المعلوماتِ التي عَرفها محمدٌ عن طريقِ لقاءاته مع أتباع هذين الدينين، ولكن السؤال هو: لماذا لا يكونُ الإسلامُ دينًا أصيلاً مأخوذًا مباشرةً من نفس النبع الذي أُخذت عنه الدياناتُ السماويةُ قبلَ أن تتدخِّل أيدي الشرِ لتحريفها؟ لماذا لا يكونُ الإسلامُ هو الحَلقةُ الأخيرةُ من حلقاتِ الوحي الإلهي الذي أقام الاتصالَ بين السماء والأرض على مَدى تاريخ الشرية؟ هل مبدأُ جواز اتصالِ السماءٍ بالأرض عن طريقِ الوحي مبدأْ مسلَّمٌ به أم لا؟ إنه إذا كان هذا المبدأُ مسلَّمًا به فلا معنى لأن تحتكرَه اليهوديةُ والمسيحيةُ وتمنعه عن الإسلام، وإذا لم يكن -في عُرفهم- مبدأً مسلَّمًا به فلا مجالَ للديانات جميعًا .. راجع في مناقشة هذا الموضوع كتابنا: "الإسلام في الفكر الغربي" (ص ٦٧ - ٧٣).
انتهى ما قاله د. محمود حمدي زقزوق في كتابه "الإسلام في تصورات الغرب" (ص ١٧٢) هامش "٨١".

<<  <  ج: ص:  >  >>