للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° وبعد أن كانت القُدس -في ظل السيادة الإسلامية- مُشاعةَ القُدْسيةِ لكل أصحابِ المقدسات؛ لأن الإسلامَ مؤتَمَنٌ على كلِّ المقداسات، لا يُفرِّقُ أهلُه بين أحدٍ من الأنبياء والمرسلين .. تم احتكارُ القدسِ للصليبيين اللاتين -الكاثوليك- ونُهبت كلُّ كنوزها، بما في ذلك كنوزُ المساجد .. وبعبارةِ مؤلف كتاب "تاريخ حرب الصليب": " .. ومَنظر أورشليم استحال بغتةً إلى مَشهدٍ جديد؛ لأنها في أيامٍ قليلةٍ انقلبت مِن ديانةٍ إلى أخرى، ومن شرايعَ إلى غيرها، ومن مراسيمَ وعوايدَ إلى أخرى، ومِن سُكَّانٍ إلى غيرهم، فالغالبون أضحَوا أغنيا بالغنائم التي امتلكوها بين أيديهم .. فالقايدُ "تنكريد" قد امتَلك جميع الغِنى الذي وَجد في جامعِ الإمام عُمر، وهذه قد كانت عظيمةَ المقدارِ والقيمة، حتى إنه -حسب تقريرِ أحدِ المؤرِّخين- لم يَكْفِها ستُّ عراباناتٍ كبيرةٍ لنقلها، وأنه قد استمر هو مدةَ يومين مباشرًا إخراجَها من ذلك الجامع .. ".

أما الجنودُ والقادةُ الصليبيون، الذين -كما يقول "مكسيموس مونروند"- "قد كلَّت أيديهم من سفك الدماء"!! (١)، فإنهم أَخذوا يَعُبُّون خُمورَ المَعَاصِر حتى أتوا عليها، ثم ذهبوا يتضرَّعون إلى ربِّهم وهم سُكارى، وأيديهم مُخضَّبةٌ بدماء المسلمين .. ويا لها من "صلاة" تَصِفُها "دائرة المعارف البريطانية" - وهي تتحدثُ عن دخولِ القائدِ الصليبي "جودفري" (١٠٦١ - ١١٠٠ م) القدس- فتقول: كانت المذابحُ رهيبةً، جَرَت دماءُ المغلوبين في شوارع المدينة حتى ارتفع مستوى الدمِ ووَصَل إلى


(١) المصدر السابق (١/ ١٧٤ - ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>