للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانظر إلى "الفرقان الباطل" وهو يقول: "يا أهلَ العُدوان من عِبادنا الضالين: تَسفِكون دماءَ البهائم أُضحياتٍ تبتغون مغفرةً ورحمةً من لدُنَّا عما اقترفَتْ أيديكم من قتل وزنًى وإثمٍ وعدوان * إنما أُضحيةُ الحقِّ قلبٌ طهيرٌ يتفجَّرُ رحمةً ومحبةً وسلامًا لعبادِنا ورِفقًا بالبهائم، فلن ينالَنا لحومُها ولا دماؤها ولكن ينالُنا تقوى المتقين" (الأضحى: ٧).

ومن الواضح أن مَثَلهم حين يتظاهرون بالعَيب على دينِ ربِّ العالمين كَمَثَل المومسِ التي لا يُعجِبُها عِفَّةُ الحرائرِ الشريفاتٍ، فتَذهبُ تَعِيبُهنَّ قائلةً في تَبَاهٍ وتشامخٍ كاذبٍ داعر: إنها عشيقة لفلانٍ وفلانٍ من أكابرِ القوم وليست زوجةً لرجل لا هو صاحبُ شهرةٍ ولا ذو منصب كبير من السِّفلة المجرمين! ماذا في إفرادِ الله سبحانه وتعالى بالعبادةِ والصلاةِ والصيام؟ وماذا في الصلاة في المساجد بحيث يُزْرِي عليها الكَفَرَةُ المارقون؟.

وماذا في الأضاحي؟ إنكم تُظْهِرون الشفقةَ عليها، فهل نَفهمُ مِن هذا أنكم لا تذبحون الحيواناتِ ولا تأكلونها؟ وهل يَكرهُ اللهُ من عباده أن يُطْعِموا مِن أضاحيهم الفقراءَ والمساكين؟ فأين المحبةُ والرحمةُ التي تُصدِّعون رؤوسَنا بها ليلَ نهار؟ أم أن اللحمَ لا يَصلحُ إلاَّ إذا كان مِن جَسَد المسيحِ تأكلونه كما يَفعلُ الوثنيون؟ كيف يا إلهي يأكلُ الإنسانُ جَسَدَ ربِّه وَيشربُ دَمَه؟ (١) والذي يجعلُكم تُبغضِوننا وتحقِدون علينا إلى يوم الدين! إننا حينَ نَذبحُ الأضاحي إنما نذبحُها ليَطْعَمَ معنا منها المحتاجون والجائعون لا ليتمتعَ برائحتها اللهُ ربُّ العالمين، وكأنه إله من آلهة الوثنيين حسبما


(١) "البداية والنهاية" لابن كثير (٩/ ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>