للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وأمَّا ما قاله الأمبراطورُ البيزنطيُّ مِن أن محمدًا لم يَجِئْ إلاَّ بالأشياء الشريرة وغيرِ الإِنسانية، مثلِ الأمرِ بنشرِ دينِه بحدِّ السيف! فهو قولٌ مبنيٌّ على الجهل المَحضِ، أو الكَذِبِ المحض، فلم يُوجدْ مَن حارَبَ الشرَّ، ودعا إلى الخير، وفَرَض كرامةَ الإنسان، واحتَرَم فِطرةَ الإنسان، مثلُ محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي أرسله الله {رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}.

* ودعوى أنه أَمَر بنشرِ دينهِ بحدِّ السيف أكذوبةٌ كبرى، فهذا ما أَمَر به قرآنُه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥].

* والحقيقةُ أن الإسلامَ لم ينتصرْ بالسيف، بل انتَصَر على السيف الذي شُهر في وجهه من أول يوم، وظلَّ ثلاثةَ عَشَرَ عامًا يتحمَّلُ الأذى والفتنةَ في سبيل الله، حتى نَزل قولُه تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [الحج: ٣٩، ٤٠].

* إنما فَرَض الإسلامُ الجهادَ دفاعًا عن النفس، ومقاومةً للفتنة (١)، والفتنة أشدُّ من القتل، وأكبرُ من القتل، ولذا قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠)} [البقرة: ١٩٠]، {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ


(١) كلاَّ .. ليس الجهاد في الإسلام قاصرًا على "جهاد الدفع"، بل فيه أيضًا "جهاد الطلب" لإعلاء كلمة الله تبارك وتعالى .. وقَصْرُ الجهاد على "جهاد الدفع" -فقط- من الأخطاء الفادحة لأصحاب "المدرسة العقلية".

<<  <  ج: ص:  >  >>