للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكثرُهم من الجنودِ الذين تُركوا في مستشفى طرابلس، وقد قَبض الطليانُ على ألوفٍ من أهل طرابلس في بيوتهم، ونَفَوهم -بدونِ أدنى مُسوِّغٍ- إلى جُزرٍ إيطاليةٍ، حيث مات أكثرُهم من سُوءِ المعاملة.

٣ - شهادة النمساوي "هرمان رنول":

"قد قَتل الطليانُ في غيرِ ميدان الحرب كلَّ عربيٍّ زاد عمرُة على ١٤ سنةً، ومنهم مَن اكتَفُوا بنَفيه، وأحرق الطليانُ في ٢٦ أكتوبر سنة ١٩١١ خلف بنك روما، بعد أن ذبحوا أكثرَ سكانه بينهم الشيوخ والأطفال".

وقال أيضًا: "رجوتُ طبيبَينِ عسكريَّينِ من أطباءِ المستشفى أن يَنقِلوا بعضَ المرضى والمصابين المطروحِين على الأرض تحتَ حرارةِ الشمس، فلم يفعلَا، فلجأتُ إلى راهبٍ من كبارِ جمعيةِ "الصليبِ الأحمر" هو الأب "يوسف بافيلاكو"، وعرضتُ عليه الأمر، وأخبرتُ شابًّا فرنسيًّا أيضًا، لكنَّ الأب "بافيلاكو" حَوَّل نَظَرَه عنِّي، ونَصَح الشابَّ بأنْ لا يُزعجَ نفسَه بشأنِ عربيٍّ في سكرات الموت، وقال: "دَعْه يموت".

ورأيتُ على مسافةٍ قريبةٍ جنديًّا إِيطاليًّا يرفسُ جُثَّةَ عربيٍّ برِجلِه .. وصباحَ اليوم التالي، وجدتُ الجرحى والمرضى الذين رَجوتُ الراهبَ من أجلِهم قد ماتوا، وقد رأى ذلك معي "فون غوتبرغ" الألماني، وبكى من تأثُّره".

٤ - شهادة المسيو "كوسيرا" مراسِل جريدة "أكسينسور" الباريسية:

"لا يَخطر ببالِ أحدٍ ما رأينا بأعيُننِا من مشاهدِ القتل العام، وفي أكوامِ جُثثِ الشيوخِ والنساءِ والأطفال، يتصاعدُ منها الدخانُ تحت ملابِسهم

<<  <  ج: ص:  >  >>