للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الذي يَقضي فيَنقضُ حكمَه … عقلٌ، تروْن كليهما معقولَا!

وتراه يجزم بالقضاء وبعد ذا … يَلقَى لديه باطِلاً معلولَا

لا يَسْتَقلُّ العقلُ دونَ هداية … بالوحي تأصيلاً ولا تفصيلَا

كالطَّرْف دون النورِ ليس بمُدْرِكَ … حتى تراهُ بُكرةً وأصيلَا

وإذا الظَّلَامُ تلاطمت أمْواجُهُ … وطَمِعْتَ بالأبصارِ كنتَ مُحِيلَا

وإذا النُّبُوَّة لم يَنَلكَ ضياؤُها … فالعقلُ لا يَهْديكَ قطُّ سبيلَا

نور النُّبُوَّة مثل نورِالشمس للـ … عينِ البصيرةِ فاتَّخِذْهُ دليلاً

طرقُ الهُدَى مسدودةٌ إلاَّ علَى … مَن أمَّ هذا الوحيَ والتنزيلَا

فإذا عَدَلتَ عن الطريق تَعَمُّدًا … فاعلمْ بانك ما أردتَ وصولَا

يا طالِبًا دَرَكَ الهُدَى بالعقلِ دو … نَ النقل لن تَلقَى لذاك دليلَا

كم رَام قبلَك ذاكَ مِن مُتَلَدِّد (١) … حيرانَ عاشَ مَدَى الزَّمانِ جهولَا

ما زالتِ الشبهاتُ تغزو قلبَه … حتى تَشَحَّطَ بينهنَّ قتيلَا

فتراه بالكُلِّي والجُزئيِّ والـ … ـعرَضيِّ طولَ زمانِه مشغولَا (٢)


(١) تَلَدَّدَ فلان: إذا تَلَفَّتَ يمينًا وشمالاً وتحيَّر مُتَبَلِّدًا، مأخوذٌ من: لَديدَي الوادي أي جانِبيْه .. انظر اللسان والتاج مادة (لدد).
(٢) هذه مصطلحات منطقية: "فالكلِّي": هو اللفظُ المفردُ الذي يَصلحُ لأن يَشتركَ في معناه أفرادٌ كثيرةٌ لوجودِ صفةٍ أو مجموعةٍ من الصفاتِ في مِثل هذه الأفراد، مثل "شجرة" و"كتاب" و"إنسان" وهي أسماءُ الأجناسِ والأنواعِ والمعاني الكليَّةِ العامَّة.
وأما "الجزئي": فهو ما يُطلَقُ على شيءٍ واحدٍ بعينه، أو هو اللفظُ المفرَدُ الذي لا يَصلحُ معناه لأن تشتركَ فيه أفرادٌ كثيرة، مثل "زيد" و"هذه الشجرة" و"هذا الفَرَس" فإنَّ المتصوَّر من لفظ "زيد" شخص مِعيَّن لا يشاركُه غيرُه في كونه مفهومًا من لفظ زيد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>