للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودينِ الحق بمجرد افترائهم، فمَثَلهم كمَن يريد أن يُطفيء نورَ الشمس أو القمر بنفخة، وهذا لا سبيلَ إليه؛ فكذلك ما أُرسِل به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لا بد أن يتمَّ ويظهر، ولهذا قال تعالى مقابلاً لهم فيما أرادوه {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} .. {لِيظْهِرَة عَلَى الدِّينِ كلِّهِ}، أي: على سائر الأديان" (١).

° قال ابن كثير: "يحاولون أن يردُّوا الحق بالباطل، ومَثَلُهم في ذلك كمَثَل مَن يُريد أن يُطفيء شعاعَ الشمس بفِيه، وكما أن هذا مستحيل، فذلك مستحيل" (٢).

كم صدُّوا عن سبيله صدًّا، ومَن ذا يُدافعُ السيل إذا هَدَر؟ واعترضوه بالألسِنة ردًّا، ولَعَمْرِي مَن يَردّ على الله القَدَر؟ وتخاطروا له بسُفهائهم كما تخاطرت الفحول بأذنابِ (٣) البقر، وفتحوا عليه من الحوادث كلَّ شِدْقٍ فيه مِن كلّ داهيةٍ ناب، فما كان إلاَّ نورُ الشمسِ لا يزالُ الجاهل يَطمعُ في سَرابه، ثم لا يضعُ منه قَطرةً في سِقائه، وُيلقي الصبيُّ غِطَاءَه ليخفيه بحجابه، ثم لا يزالُ النور ينبسِطُ على غِطائه.

° كم أبرقوا وأرعَدوا حتى سأل بهم وبصاحبهم السيَّل، وأثاروا من الباطل في بيضاءَ ليلُها كنهارها (٤) ليجعلوا نهارَها كالليل، فما كان لهمِ إلاَّ كما قال الله: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} الآية [الأنبياء: ١٨].


(١) "تفسير ابن كثير".
(٢) "تفسير ابن كثير".
(٣) إذا تصاولت الفحول من الإبل تخاطرت بأذنابها كأنها يهدد بعضها بعضًا.
(٤) أي: هذه الملة السمحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>