للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° تعتبرون سيادتُكم أن نصوصَ الكتاب المقدَسِ بعَهده القديم، القائم على الترجمةِ السبعينية، وأناجيلِه الأربعةِ وباقي الكتبِ المُرفقة، هو الكتابُ الذي يُعتدُّ به، فهو يَحتوي على الإيمانِ الإنجيليِّ، وتستعينون بفِكرِه طوالَ محاضرتِكم بعد استبعادِ القرآن، والمعروفُ تاريخنا أن القديسَ "جيروم" هو الذي صاغه بأمرٍ من البابا "داماز"، بعد توليفِه من أكثرَ مِن خمسين إنجيلاً كانت منتشرةً ومستخدمةً حتى القرنِ الرابع، وعند الفراغِ من مهمَّته كَتَب مقدمةً للعهدِ الجديدِ موجِّهًا إياها للبابا "داماز" يقول فيها: "إلى قداسة البابا "داماز"، من "جيروم": تَحُثُّني على أن أقومَ بتحويل عملٍ قديمٍ لأَخرُجَ منه بعملٍ جديد، وتريدُ منِّي أن أكونَ حَكَمًا على نُسَخِ كلِّ تلك النصوصِ الإِنجليةِ المتناثرةِ في العالم، وأن أختارَ منها وأُقَرِّرَ ما هي تلك التي حادت، أو تلك التي هي أقربُ حقًّا من النص اليوناني، إنها مهمةٌ ورعة، لكنها مغامرةٌ خطِرةٌ، إذ سيتعيَّنُ علي تغييرُ أسلوبِ العالَم القديم وأن أعيدَه إلى الطفولة، وأن أقومَ بالحُكم على الآخرين، يعني في نفسِ الوقت أنهم سيَحكمون فيه على عملي، فمَن مِن العلماءِ، أو حتى من الجهلاء، حينما سيُمسكُ بكتابي بين يَديه ويلحظ التغييرَ الذي وَقَعِ فيه، بالنسبةِ للنصِّ الذي اعتادَ قراءَته، لن يَصيحَ بالشتائم ضدِّي وَيتَّهِمني بأنني مُزوِّرٌ ومُدنَّسٌ للمقدسات؛ لأنني تجرَّأتُ وأضفتُ، وغيَّرتُ، وصحَّحتُ في هذه الكتب القديمة؟.

وحيالَ هذه الفضيحة، هناك شيئانِ يُخفِّفان من رَوعي، الأمر الأول: أنك أنت الذي أمرتَني بذلك؛ والأمرُ الثاني: أن ما هو ضلالٌ لا يمكنُ أن يكونَ حقًّا، وهو ما تُقرُّه أقذَعُ الألسِنةِ شراسةً، وإذا كان علينا أن نُضفِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>