للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° إلى أن قال: "قال "بوذا" و"كنفونيس" و"عيسى" بالمسالمة والاستكانة، وقال محمدُ بنُ عبد الله النبيُّ العربيُّ بالقوة، وأصبحت جميعُ الأممِ اليومَ لا تعملُ إلاَّ بالقوة، ففي العالم اليوم فلسفتانِ في الدين، فسلفةُ التصوف، وفلسفةُ العمل -أي: القوة-، فلنأخذِ المسيحيةُ- وهي أرقى ما في التصوف بمبادئها-، ولنأخذ الإِسلام -وهو القائم على مبدإ القوة-، ونقارِنْ بين المبدأين لنرى أيهما الفائزُ في حضارتنا:

° قال المسيح عليه السلام: "مَن ضَرَبك على خَدِّك الأيمن، فحوِّلْ له خَدَّك الأيسر، ومَن طلب ثوبَك، فأعطِهِ رداءك"، ومعنى هذا أن على الإنسانِ أن يكون مسالمًا مستكينًا لا يُبدي حِراكا في حضارةٍ تُنازعُ البقاء، أمَّا محمد فيقول: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: ٦٠]، أي: نازعْ من أجلِ بقائك وكيانِك بكلِّ ما أُوتيتَه من قوة، فالمبدأُ الأساسيُّ هو مبدأُ تنازع البقاء، فإذا ثَبَتَ لزومُ المبدإِ لكِيانِ الحضارة، كان محمدٌ فائزًا في هذا المضمار، وكفى بهذا المضمار مسرحًا للمبدإِ الصحيح الذي جاء به محمدٌ وعَمِل لأجله".

° إلى أن قال: "ثُمَّ لَمَّا كان المسلمون خاصةً والعربُ عامَّةً عامِلين بمبدإِ نبيِّهم -محمد- شادوا حضارةً مجيدةً وأصبحوا سادة الدنيا، ولكنهم فرَّطوا بالابتعادِ عن هذا المبدإِ، ورَكَنوا إلى الاستكانةِ فباتوا مَسُودين" .. إلى آخر المقال.

* البحَّاثة جرجي زيدان:

وُلد في "بيروت- لبنان" عام ١٨٦١، وتوفي ١٩١٤ م. مؤسِّسُ مجلة

<<  <  ج: ص:  >  >>