للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° وقد ذكر هذه القصةَ غيرُ سيف (١)، وهذا يوافقُ ما تقدم عنه أن مَنْ شَتم النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له أن يقتلَه، وليس ذلك لأحدٍ بعده، وهو صريحٌ في وجوب قَتْل من سَبَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - من مسلمٍ ومعاهَدٍ -وإن كان امرأة-، وأنه يُقْتَل بدون استتابة، بخلاف مَنْ سبَّ الناس، وأن قتله حدٌّ للأنبياء كما أن جَلْدَ مَن سَب غيرَهم حدٌّ له، وإنما لم يأمرْ أبو بكر بقَتْل تلك المرأةِ؛ لأن الهاجِرَ سَبق منه فيها حدٌّ باجتهاده، فكَرِهَ أبو بكر أن يجمعَ عليها حَدَّيْن، مع أنه لعلَّها أسلمت، أو تابت فقَبِلَ المهاجرُ توبتَها قبلَ كتاب أبي بكر، وهو محلُّ اجتهادٍ سَبق منه فيه حُكمٌ فلم يُغيِّره أبو بكر؛ لأنَّ الاجتهادَ لا يُنقضُ بالاجتهاد، وكلامُه يدلُّ على أنه إنما مَنَعه من قتلِها ما سبق من المهاجر.

° ورَوى حَرْبٌ في "مسائله" عن لَيْث بنِ أبي سُلَيم، عن مجاهدٍ قال: "أُتي عُمرُ برَجُل سَبَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقتله، ثم قال عمرُ: مَنْ سَبَّ الله، أو سَبَّ أحدًا من الأنبياء فاقتلوه".

° قال ليثٌ: وحدثني مجاهدٌ عن ابن عباس قال: "أيُّما مسلم سبَّ اللهَ، أو سَبَّ أحدًا من الأنبياء، فقد كَذَّبَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي رِدَّةٌ، يُسْتتاب، فإنْ رَجَع وإلاَّ قُتِلَ، وأيما معاهدٍ عاند فسَبَّ الله، أو سَبَّ أحدًا من الأنبياء، أو جَهَر به، فقد نَقَضَ العهد فاقتلوه".

° وعن أبي مَشجعةَ بنِ رِبعيٍّ قال: "لَمَّا قَدِمَ عمرُ بنُ الخطاب الشامَ قام قُسْطَنْطِين بِطْرِيقُ الشام، وذكر معاهدةَ عمرَ له وشروطه عليهم، قال: اكْتُبْ بذلك كتابًا، قال عمرُ: نعم، فبينا هو يكتبُ الكتابَ إذ ذكر عمر،


(١) "تاريخ الطبري" (١/ ٣٤١)، و"تاريخ الخلفاء" (ص ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>