للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بني بكرٍ، ولم يُهْدِرْ دَمَ الذين أعارُوهم السلاحَ؟!.

السادس: أنَّ قولَه تعالى: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ}.

دليلٌ على أنَّ شفاءَ الصدورِ مِن ألم النكثِ والطعنِ، وذهابَ الغيظِ الحاصل في صدور المؤمنين من ذلك أمْرٌ مقصودٌ للشارع مطلوبُ الحصولِ، وأنَّ ذلك يحصلُ إذا جَاهَدوا كما جاء في الحديث المرفوع: "عليكُم بِالجهَاد فإنَّه بابٌ مِن أبوابِ الله، يَدفَعُ اللهُ به عنِ النُّفُوسِ الهمَّ وَالغمَّ" (١).

ولا ريبَ أن مَن أظهر سَبَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أهل الذِّمَّة وشَتَمه، فإنه يَغِيظُ المؤمنين ويُؤلِمُهم أكثرَ مما لو سفَكَ دماءَ بعضِهِم وأخَذَ أموالهم؛ فإن هذا يُثِيرُ الغضبَ لله والحَمِيَّةَ له ولرسولِه، وهذا القَدرُ لا يُهَيِّجُ في قلبِ المؤمن غيظًا أعظمَ منه، بل المؤمن المسدَّدُ لا يَغضبُ هذا الغَضَبَ إلاَّ لله، والشارعُ يطلبُ شفاءَ صدورِ المؤمنين وذهابَ غيظِ قلوبِهم، وهذا إنما يحصلُ بِقَتْل السابِّ لأوْجُهٍ:

أحدها: أن تَعْزِيره وتأديبَه يُذْهِبُ غيظَ قلوبهم إذا شَتَم واحدًا من المسلمين أو فَعَل نحو ذلك، فلو أذهب غيظَ قلوبهم إذا شَتَم الرسول، لكان غيظُهم مِن شَتْمه مِثلَ غيظهم مِن شَتْم واحدٍ منهم .. وهذا باطل.

الثاني: أن شَتْمَه أعظمُ عندهم من أن يَأخُذَ بعضَ دمائهم، ثم لو قَتل


(١) صحيح: أخرجه أحمد في "المسند" (٥/ ٣١٤، ٣١٦، ٣١٩، ٣٢٦)، والطبراني في "المعجم الكبير والأوسط"، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٧٤ - ٧٥)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في "الصحيحة" (٤/ ٥٨١ ح ١٩٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>