للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطائف" (١).

° وروى الإمام عبدُ بن حُميد في "مسنده" عن جابر بن عبد الله قال: "اجتمعت قريشٌ يومًا، فقالوا: انظروا أعلمَكم بالسِّحر والكهانة والشِّعر، فليأتِ هذا الرجلَ الذي فرَّق جماعتَنا، وشتَّت أمرَنا، وعاب دينَنا، فليُكَلِّمْه، ولْينظرْ ماذا يردُّ عليه؟ فقالوا: ما نعلمُ أحدًا غيرَ عتبةَ بنِ ربيعة، فقالوا: أنت يا أبا الوليد، فأتاه عتبةُ فقال: يا محمدُ، أنت خيرٌ أم عبد الله؟ فسكت رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فإنْ كنتَ تزعمُ أنَّ هؤلاء خير مِنك، فقد عَبَدوا الآلهةَ التي عِبتَ، وإن كنتَ تزعمُ أنك خيرٌ منهم فتكلَّم حتى يُسمعَ قولك، إنا واللهِ ما رأينا سَخلةً (٢) قطُّ أشأمَ على قومه منك، فرَّقت جماعتَنا، وشَتَّت أمرَنا، وعبتَ دينَنا، وفضحتَنا في العرب، حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرًا، وأن في قريش كاهِنًا، واللهِ ما ننتظرُ إلاَّ مِثلَ صيحةِ الحُبلى أن يقومَ بعضُنا إلى بعضٍ بالسيوف حتى نتفانَى .. أيها الرجل، إِن كان إنما بك الحاجةُ جَمَعْنا لك حتى تكونَ أغنى قريشٍ رجلاً، وإن كان إنما بك الباهُ (٣) فاختر أيَّ نساءِ قريشٍ شئتَ فَلنُزَوِّجك عَشْرًا، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "فرغتَ؟ ". قال: نعم! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} إلى أن بلغ: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت:١ - ١٣]. فقال عتبة: حسبُك، ما عندك غيرُ هذا؟ قال: "لا". فرجع إلى قريش ٍ، فقالوا: ما وراءك؟ قال. ما تركت شيئًا أرى أنكم


(١) "تفسير الطبري" (٢٠/ ٥٨١)، و"تفسير مجاهد" (٥٩٣).
(٢) سخلة: الولد المُحَبَّبُ إلى والِدَيْه.
(٣) الباه: الرغبة في الزواج.

<<  <  ج: ص:  >  >>