للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النور: ٣٥].

والضمير في "نوره" يعود على الله سبحانه.

° قال أُبَيُّ بنُ كعب - رضي الله عنه -: "مَثَلُ نورِه في قلب المسلم".

° وقال ابن القيم: "والمعنى: مَثَل نورِ الله سبحانه وتعالى في قلب عبده .. وأعظمُ عبادِهِ نصيبًا من هذا النور رسولُه - صلى الله عليه وسلم -".

والمؤمنُ قلبُه مُضِيءٌ يكادُ أن يُضيءَ بنفسه، يكادُ يعرفُ الحق بفطرته وعَقْله، ولكن لا مادَّةَ له من نفسه، فجاءت مادةُ الوحْي فباشرت قلبه، وخالطت بشاشَتَه، فازداد نورًا بالوحي على نورِه الذي فَطَره الله عليه، فاجتمع له نورُ الوحي إلى نورِ الفِطرة، {نُورٌ عَلَى نُورٍ}.

فما ظنك بنورِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟!.

انظر إلى هذا التشبيه العجيب الذي تضمَّنته الآيةُ، فيه من الأسرار والمعاني وإظهار تمام نِعمته على عَبدهِ المؤمن -وأكملُ عبادِه رسولُه - صلى الله عليه وسلم - بما أناله من نوره- ما تَقَر به عيونُ أهله، وتبتهجُ به قلوبُهم.

فتأمَّلْ صفةَ "المشكاة"، وهي كُوَّةٌ تَنفُذُ لتكونَ أجمعَ للضوء، قد وُضع فيها مِصباحٌ، وذلك المصباحُ داخلَ زجاجةٍ تُشبهُ الكوكبَ الدُّري في صَفائها وحُسنها، ومادتُه من أصفى الأدهانِ وأتمِّها وَقودًا، فمن شدةِ إضاءةِ زيتها وصفائِه يكادُ يُضيءُ من غير أن تمسَّه نار.

<<  <  ج: ص:  >  >>