للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأدخلَ النارَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بل نترفَّقُ به، ونُحسِنُ صحبتَه ما بقي معنا"، وجعل بعد ذلك إذا أحدثَ الحَدَث كان قومُه هم الذين يعاتبونه، ويأخذونه، ويُعنِّفونه، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرَ بن الخطاب حين بَلَغه ذلك من شأنهم: "كيف ترى يا عمر؟ أمَا واللهِ، لو قَتلتُه يومَ قلتَ لي، لأرْعَدَتْ له أنوفٌ، لو أمرتُها اليوم بقتله لقتلته"، فقال عمر: قد واللهِ علمتُ لأَمرُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أعظمُ بركةً من أمري".

° وقد ذكر عكرمةُ وابنُ زيد وغيرهما، أن ابنَه عبدَ الله - رضي الله عنه - وقف لأبيه عبدِ الله بن أبي بن سلول عند مَضِيقِ المدينة، فقال: "قِفْ، فواللهِ لا تدخُلُها حتى يأذنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك"، فلما جاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - استأذنه في ذلك، فأذن له، فأرسله حتى دخل المدينة (١).

° وفي "التفسير" عند ابن كثير: "ذكر عكرمةُ وابنُ زيد وغيرهما: أن الناس لما قَفَلوا راجعين إلى المدينة، وقف عبدُ الله بنُ عبدِ الله هذا على بادٍ المدينة، واستلَّ سيفه، فجعل الناسُ يمرُّون عليه، فلما جاء أبوه عبدُ الله بن أبيٍّ، قال له ابنُه: وراءَك، فقال: مالك وَيْلَك؟ فقال: واللهِ لا تجوزُ من هنا حتى يأذنَ لك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه العزيزُ وأنت الذليل، فلما جاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يسيرُ ساقةً (٢)، فشكا إليه عبدُ الله بنُ أبيٍّ ابنَه، فقال ابنُه عبدُ الله: واللهِ يا رسول الله، لا يدخُلُها حتى تأذنَ له، فأذِنَ له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أمَّا إذْ أَذِنَ لك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فجُزِ الآن.


(١) "البداية والنهاية" لابن كثير (٣/ ١٥٨ - ١٦٠).
(٢) في مؤخرة الجيش.

<<  <  ج: ص:  >  >>