للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتزايدُ مادةُ النور حتى تظهرَ على وجوهِ المؤمنين وجوارحِهم وأبدانِهمِ، بل وثيابهم، ودُورِهم، يُبصِرُه مَن هو من جِنسهم، فإذا كان يوم القيامة برَز ذلك النورُ يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، منهم مَن نوره كالشمس، وآخر كالقمر، وآخر كالنجوم.

° قال ابن القيم: "ولما كان "النورُ" من أسمائه الحُسنى وصفاته، كان دينُه نورًا ورسولُه نورًا، وكلامُه نورًا، ودارُه نوراً يتلألأ، والنورُ يتوقَّدُ في قلوب عباده المؤمنين، ويجري على ألسنتهم، ويظهر في وجوههم".

° قال ابن تيمية: "إن الله ضَرَب مَثَلَ نورِه في قلوبِ المؤمنين بالنور الذي في المصباح وهو في نفسه نورٌ، وهو مُنَوِّرٌ لغيره، فإذا كان نورٌ في القلوب هو "نورٌ"، وهو "منوِّر"، فهو في نفسه أحقُّ بذلك، وقد عُلِم أن كلَّ ما هو نورٌ فهو منوِّر" (١).

* وقفة:

حين يَفيضُ النورُ الهادئُ الوضيءُ، فيَغمُرُ الكونَ كلَّه، ويَفيضُ على المشاعر والجوارح، وينسكبُ في الحنايا والجوانح، وحتى يَسْبَحَ الكونُ كلُّه في فيضِ النور الباهر، وحتى تُعانِقَه وتَرشُفَه العيونُ والبصائر، حين تنزاحُ الحُجُب، وتَشفُّ القلوب، وترفُّ الأرواح، ويَسْبَحُ كلُّ شيءٍ في الفيض الغامر، ويتطهَّرُ كلُّ شيءٍ في بحرِ النور، ويتجرَّدُ كلُّ شيءٍ من كثافته وثُقْله، فإذا هو انطلاقٌ ورَفرفة، ولقاءٌ ومعرفة، وامتزاجٌ وأُلفة، وفَرَحٌ


(١) "مجموع الفتاوى" (٦/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>