للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنَسَبٍ، وإما لمذهب، وإما لبلد، وإما لغير ذلك.

وشَرحُ مقاصِدِهم يطول، وهم كما قال العلماء فيهم: "ظاهرُ مذهبِهم الرفضُ، وباطنُه الكفرُ المحض"، وحقيقةُ أمرِهم: أنهم لا يؤمنون بنبيٍّ من الأنبياء والمرسلين؛ لا بنوح، ولا إبراهيم، ولا موسى، ولا عيسى، ولا محمد -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، ولا بشيءٍ من كتب الله المنزَّلة؛ لا التوراة، ولا الإنجيل، ولا القرآن، ولا يقِرون بأن للعالم خالقًا خَلَقه، ولا بأن له دينًا أَمَر به، ولا أن له دارًا يَجزِي الناسَ فيها على أعمالهم غيرَ هذه الدار.

وهم تارةً يبنُون قولَهم على مذاهبِ الفلاسفة الطبيعيين أو الإلهيين، وتارةً يَبنُونه على قولِ المجوس الذين يعبُدون النور، ويضمُّون إلى ذلك الرفضَ.

ويحتجُّون لذلك من كلام النبوات، إمَا بقولٍ مكذوب ينقلُونه، كما ينقُلُون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أولَ ما خَلَق الله العقل"، والحديث موضوعٌ باتفاقِ أهل العلم بالحديث، ولفظه: "إن الله لما خلق العقل، قال له: أَقبِلْ، فأقبل. فقال له: أَدبِرْ، فأدبر" (١)، فيُحرفون لفظه فيقولون: "أولُ ما خلق الله العقل"، ليوافقوا قولتَ المتفلسفة أتباع أرسطو في أن أول الصادراتِ عن واجبِ الوجود هو العقل، وإما بلفظٍ ثابث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيُحرِّفونه عن مواضعه كما يَصنع أصحابُ "رسائل إخوان الصفا" ونحوهم، فإنهم من أئمتهم.


(١) ابن الجوزي في "الموضوعات" (١/ ٧٤)، وقال: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - … " إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>