للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد دخل كثيرٌ من باطلهم على كثير من المسلمين وراج عليهم، حتى صار ذلك في كتبِ طوائفَ من المنتسبين إلى العلم والدين، وإن كانوا لا يوافقونهم عدى أصلَ كفرهم؛ فإن هؤلاء لهم في إظهارِ دعوتهم الملعونةِ التي يُسمُّونها "الدعوة الهادية" درجاتٍ متعددةً، ويُسمُّون النهاية "البلاغ الأكبر والناموس الأعظم"، ومضمون البلاع الأكبر جَحْدُ الخالق تعالى، والاستهزاءُ به، وبمن يُقِرُّ به، حتى قد يكتبُ أحدُهم اسمَ الله في أسفل رِجله، وفيه -أيضًا- جَحدُ شرائعِه ودينِه وما جاء به الأنبياء، ودعوى أنهم كانوا من جنسهم طالِبين للرئاسة، فمِنهم من أحسن في طلبها، ومنهم مَن أساء في طلبها حتى قتل، ويجعلون محمدًا وموسى من القِسم الأول، ويجعلون المسيحَ من القسم الثاني، وفيه من الاستهزاء بالصلاة، والزكاة والصوم، والحج، ومن تحليل نكاح ذوات المحارم، وسائر الفواحش، ما يطولُ وصفه.

ولهم إشاراتٌ ومخاطَباتٌ يَعرفُ بها بعضُهم بعضًا، وهم إذا كانوا في بلاد المسلمين التي يكثُر فيها أهلُ الإيمان فقد يَخفَون على مَن لا يعرفُهم، وأما إذا كثروا فإنه يعرفُهم عامةُ الناس -فضلاً عن خاصَّتهم-.

وقد اتَّفق علماءُ المسلمين أن هؤلاء لا تجوز مناكحتهم، ولا يجوزُ أن يَنكح الرجل مولاتِه منهم، ولا يتزوج منهم امرأةً، ولا تُباح ذبائحهم.

وأما "الجبن المعمول بإنفِحَتهم"، ففيه قولان مشهوران للعلماء، كسائر إِنفِحَّة الميتة، وكإِنْفحَّة ذبيحةِ المجوس وذبيحةِ الفرنج الذين يقال عنهم: إنهم لا يُذكُّون الذبائح، فمذهب أبي حنيفة وأحمدَ -في إحدى الروايتين-: أنه يَحِل هذا الجبن؛ لأن إنفِحَّةَ الميتةِ طاهرة على هذا القول؛ لأن الإِنفِحَّةَ لا

<<  <  ج: ص:  >  >>