للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُصِمُّ، والغرضُ يَقذف بالفرْية دون تحرُّج! وقائلُها يعرفُ قبل كلِّ أحد أنه كذاب أثيم!.

{مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} .. هكذا في عطفٍ وفي إيناسٍ وفي تكريم، رَدًّا على ذلك الحقدِ الكافر، وهذا الافتراءِ الذميم.

* {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}، لستَ مجنونًا كما قال أعداؤك، لكن عندك دَواءُ المجنون، فالمجنونُ الطائشُ والسفيهُ التافهُ مَن خالَفَك وعصاك وحارَبَك وجفاك.

* {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}، وكيف يكونُ ذلك وأنت أكمَلُهم عقلاً، وأتمُّهم رُشْدًا وأسدُّهم رأيًّا، وأعظمُهم حِكمةً، وأجلُّهم بصيرةً!.

كيف تكون مجنونًا وأنتَ أَتيْتَ بوحيٍ يكشف الزَّيغَ، ويزيل الضلال، وَينسِفُ الباطل، ويمحو الجهلَ، ويَهدي العقل، ويُنير الطريق!.

لستَ مجنونًا لأنك على هُدًى من الله، وعلى نورٍ من ربِّك، وعلى ثقةٍ من منهجك، وعلى بيِّنةٍ من دينك، وعَلَى رُشدٍ من دعوتك، صانك اللهُ من المجنون، بل عندك كلُّ العقل، وأكمل الرُّشد، وأتمُّ الرأي، وأحسنُ البصيرة، فأنت الذي يَهتدِي بك العقلاء، ويَستضيءُ بحكمتك الحكماء، ويَقتدي بك الراشدُون المهديُّون.

كَذَب وافترى مَن وَصَفك بالجنون، وقد ملأت الأرضَ حِكمةً، والدنيا رَشَدًا، والعالَمَ عَدْلاً، فأين يُوجد الرَّشَدُ إلاَّ عندك؟ وأين تكونُ الحكمةُ إلاَّ لديْك؟ وأين تحِلُّ البَرَكة إلا معك؟ أنت أعقلُ العقلاء، وأفضلُ النُّبلاء، وأجلُّ الحكماء.

كيف يكونُ محمدٌ مجنونًا، وقد قدَّم للبشرية أحسنَ تراثٍ على وجهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>