للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° قال شيخُ الإِسلام ابن تيمية: "إن الفلاسفةَ الإِلهيينَ المشَّائين وغيرَهم متَّفِقون على الإقرارِ بواجبِ الوجود، وببقاءِ الرُّوح بعد الموت، وبأن الأعمالَ الصالحة تنفعُ بعد الموت، ويخالفهم في ذلك فلاسفة كثيرون من الطبيعيِّين وغيرهم، بل وبين الإِلهيين من الفلاسفة خلافٌ في بعض ذلك، حتى الفارابي -وهَو عندهم المعلِّمُ الثاني- يقال: إنه اختلف كلامه في ذلك.

فقال تارةً ببقاءِ الأنفسِ كلِّها، وتارةً ببقاءِ النفوس العالِمة دون الجاهلة، كما قاله في آراء المدينة الفاضلة، وتارةً كَذَّب بالأمرْين، وزَعَم الضال الكافرُ: أن النبوَّة خاصَّتها جَودَةُ تخييلِ الحقائق الرُّوحانية، وكلامُهم المضطرب في هذا الباب كثير" (١).

° وقال ابنُ تيمية في كتابه "النبوَّات": "قد غَلِط في النبوة طوائفُ غيرُ الذين كَذَّبوا بها إما ظاهرًا وباطنًا، وإمَّا باطنًا كالمنافق المَحْض، بل الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أُنزِل إلى الرسول وإلى مَن قَبْلَهَ، وهم خَلْقٌ كثير فيهم شُعبةُ نفاقٍ -وإن لم يكونوا مُكذِّبين للرسول مِن كلِّ وجه-، بل قد يعظِّمونه بقلوبهم، ويعتقدون وجوبَ طاعته في أمورٍ دون أمور.

وأبعدُ هؤلاء عن النبوة: المتفلسِفةُ والباطنية والملاحدة؛ فإن هؤلاء لم يَعرفوا النبوةَ إلاَّ من جهةِ القَدْرِ المشترك بين بنيَ آدم -وهو المنام-، وليس في كلام أرسطو وأتباعه كلام في النبوة، والفارابيُّ جَعَلها من جنس المنامات فقط، ولهذا يُفضلَ هو وأمثالُه "الفيلسوف" على "النبي"، وابنُ سينا عَظَّمها أكثر من ذلك، فجعل للنبيِّ ثلاث خصائص:


= حامد دخل في بطون الفلأسفة ثم أرأد أن يخرج فما قدر".
(١) "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٢/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>