للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصوص النبوية المتعلقةِ بهذه العقيدة، لنرى مدى محاولاتِه المتنوِّعة في تطويع كلِّ شيءٍ في هذه العقيدة لفكره الصوفي، فهو عندما يَرَى النصَّ النبوي: "لا نبيَّ بعدي" يُسارعُ في تقييده بقوله: "إنما ارتفعت نبوة التشريع" (١).

° ويؤكِّدُ ذلك وَيزيدُه إيضاحًا بقوله: "أي: لا شرعَ خاصة، لا أنه لا يكون بعدَه نبيٌّ" (٢).

وكأنه يستدركُ على اللفظ النبويِّ في صورةِ النفي التي وَردت باستعمالِ نفي النبوة، وقد صرح بأن هذا الحديثَ قد أزعج إخوانَه الأولياء، فقال: "إن حديثَ "لا نبي بعدي" قد قَصَم ظهورَ الأولياء" (٣).

فلماذا يقصم ظهورْهم؟ ألَا يَرضَون ما رَضِيَه اللهُ لهم ورسولُه؟ ألَا يكفيهم ما تركه لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من الكتاب والسنة؟ ولكنَّ الفيلسوفَ الصوفيَّ يُطمئنُهم، ويخفِّفُ من انزعاجهم بإخبارهم: "أنَّ الله لَطَف بعباده، فأبقى لهم النبوةَ العامةَ التي لا تشريعَ فيها" (٤).

° والمرادُ بعباده هنا هم الأولياء، كما ذكر ذلك في موطنٍِ آخَرَ بقوله:

"أعلم أن الولايةَ هي الفَلَكُ المحيطُ العامُّ، ولهذا لم تنقطعْ، ولها الإِنباءُ العام، أما نبوةُ التشريع والرسالة، فمنقطعة" (٥).


(١) "الفتوحات المكية".
(٢) "فصوص الحكم" (ص ١٣٤).
(٣) "فصوص الحكم" (ص ١٣٤).
(٤) "فصوص الحكم" (ص ٤٨).
(٥) "فصوص الحكم" (ص ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>