للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنصارى؛ فضلاً عن كونِه كفرًا في شريعة الإسلام.

فإن قولَ القائل: "إن آدمَ للحقِّ تعالى بمنزلة إنسانِ العَين من العين، الذي يكونُ به النظر": يقتضى أن آدمَ جُزءٌ من الحقِّ تعالى وتقْدَّس، وبعضٌ منه وأنه أفضلُ أجزائِه وأبعاضِه؛ وهذا هو حقيقة مذهب هؤلاء القوم، وهو معروفٌ من أقوالهم.

الكلمةُ الثانية: تُوافِقُ ذلك، وهو قوله: "إن الحق المنزَّه، هو الخَلقُ المشبَّه".

ولهذا قال في تمام ذلك: "فالأمرُ الخالقُ المخلوق، والأمرُ المخلوقُ الخالق، كلُّ ذلك من عينٍ واحدة، لا بل هو العينُ الواحدة، وهو العيونُ الكثيرة {فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} والولدُ عين أبيه، فما رَأَى يَذبحُ سوى نفسِه {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}، فظهر بصورة كبشْ: مَن ظَهَر بصورةِ إنسان وظَهَر بصورةٍ؛ لا بحكم ولدِ مَن هو عينُ الوالد، {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}، فما نكح سوى نفسه".

وقال في موضع: "وهو الباطنُ عن كلِّ فهم، إلاَّ عن فهم مَن قال: إن العالَم صورتُه وهويته".

وقال: "ومن أسمائه الحسنى "العَلِيُّ"، على مَن! وما ثَم إلاَّ هو، وعن ماذا! وما هو إلاَّ هو، فعُلُوُّه لنفسه، وهو من حيثُ الوجودِ عينُ الموجودات، فالمسمى مُحدَثات هي العليَّة لذاتها، وليست إلاَّ هو"، إلى أن قال: "فهو عينُ ما ظَهَر، وهو عينُ ما بَطَن في حالِ ظُهوره، وما ثم مَن يراه غيره، وما ثَم مَن يَنطِقُ عنه سواه، فهو ظاهرٌ لنفسِه باطنٌ عنه -وهو المسمَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>