للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجود، وأنه لا فرقَ بين "الفصوص" و"التائية" إلاَّ في أن هذه شِعر، في حين أن تلك نثر: فابنُ الفارض من هذه الناحيةِ كابنِ عربي مِن القائلين بـ "وِحدة الوجود" .. وذهب إلى أن ابنَ الفارض لم يُوجَد لأحدٍ من أهلِ عصره -الخبيرِينَ بحاله- ثناءٌ عليه بعدالةٍ أو ولاية، ولا ظَهَر عنه علمٌ من العلوم الدينية، ولا مَدَح النبي - صلى الله عليه وسلم - بقصيدةٍ واحدة على كثرةِ شعره، فدل ذلك على سُوء طويته، وأن القَدْحَ قد نُقل فيه نقلاً قطعيًّا عن مُحبِّيه ومبغضيه: فقد قال شُرَّاح "تائيته"، التابعون لطريقته، والمنتقِدون عليه من أهل السُنة: "إن أهلَ زمانه -وكلُّهم من أهلِ الشريعة- رَمَوه بالفِسق والإباحة" (١)، وقد أيَّد البِقاعيُّ مذهبَه في ابنِ الفارض، فعدَّد نحوًا من أربعين عالِمًا، هم دعائمُ الدينِ من عصرِ ابن الفارض إلى عصرِ البقاعي، وكلهم يَرمي الرجلَ بما يَنظمُه في سِلك الكَفَرة أو الزنادقة أو الملحِدين أو الإباحيين، ويجرحَ مذهبَه فيجعلُه في عدِادِ المذاهب الضالَّة، والعقائدِ الفاسدة (٢)، ومن هؤلاء العلماء عزُّ الدين بنُ عبد السلام، وابنُ دقيق العيد، وتقيُّ الدين السبكي، وبَدرُ الدين ابنُ جَماعة وزينُ الدين الحَنَفي، وشرفُ الدين الزواوي المالكي، وسعدُ الدين الحنبلي (٣).

ولم يَقِفِ البقاعيُّ عند هذا الحدِّ من ذِكرِ أسماء العلماء، بل تجاوَزَه إلى ذِكرِ أسماءِ الكتب التي لأصحابها رأيٌ في كلٍّ مِن ابنِ عربىِّ وابنِ الفارض ومذهبيهما: فهو يذكرُ من هذه الكتب "الميزان" و"لسان الميزان" وكلاهما


(١) "تحذير العباد" للبقاعي (ص ٦٤).
(٢) المرجع نفسه والصفحة.
(٣) "تنبيه الغبي" (ص ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>