للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفسِهم، وأيضًا مؤتمر "بدشت" بتفاصيله أكبرُ دليلٍ وسَنَدٍ على ذلك الأمر، حيث إن المؤرِّخين قاطبةً -بابيِّين كانوا أو مسلمين، مسيحيين أو بهائيين- اتفقوا على أن أولَ مَنِ اقتَرَح بنَسخِ شريعةِ اِلإسلام ورَفعِ أحكامِها كانت هي الفاتنةُ الفاجرة، فلقد كانت توجِب نَسْخ تلك الشريعةِ الغَرَّاءِ التي طالَمَا مَنَعَتْها ورَدَعَتْها عن الجَرْي وراءَ الشهواتِ واللذاتِ النفسية الخبيثة، وأرغمَتْها على قَهْرِ نفسِها عن وطئِها الرجال وتمرُّغِها في أوحال الذنوب والخطايا، وأجبَرَتْها بالبقاءِ مع زوجها، والإقناع والاكتفاءِ به وحدَه، وكفِّها عن الارتماءِ والاحتضان كل يوم بين قَدَمَيْ رجلٍ جديدٍ وزوجٍ جديد.

وكان صَدرها مليئًا بالبغضِ والانتقامِ من ذلك الناموس الإلهيِّ السَّماويِّ الذي كان يَردعها مِنِ استبدالِ زوجٍ مكانَ زوجٍ، وعَشيقٍ مكانَ عشيقٍ، وحبيبٍ مكانَ حبيبٍ في كلِّ ليلةٍ ويومٍ، معتقدِةً بأن النساءَ ما هنَّ إلاَّ زهرةَ الحياة الدنيا، "وإن الزهرة لا بدَّ مِن قَطْفِها وشَمِّها؛ لأنها خلقت للضمِّ والشمِّ .. فالزهرة تُجنَى وتقطف، وللأحباب تهدَى وتُتْحَف" (١)، "ولا تَحجِبوا حلائلَكم عن أحبابكم، إذ لا رَدْعَ الآنَ، ولا حَدَّ، ولا مَنْعَ، ولا تكليفَ، ولا صدَّ، فخذوا حظَّكم من هذه الحياةِ، فلا شيءَ بعد الممات" (٢).

ولقد أَحبَّت الملا "محمد البارفروشي" حبًّا جنونيًّا، وقدَّمت له نفسَها وكلَّ ما تَمْلكُ، وسَمَحتْ له أن يستذلَّها ويمرِّغَها ويَستعبدَها، ولكنها لَم تَكتفِ به وحدَه، وسَخت بنفسِها، وجادت للمرزة "حسين علي


(١) "مفتاح باب الأبواب" (ص ١٨١) من خطبة قرة العين في مؤتمر بدشت.
(٢) المصدر السابق، وقد مر تفاصيل ذلك في مقال "الشيرازي ودعواه".

<<  <  ج: ص:  >  >>