للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"إنّما الأعمال بالنيات"، يقول ابن المنذر (١) -وهو ممن يقول بقول الأئمة الثلاثة- معلّلا عدم وجوب شيء مع النية: "لأن الواجب النية، وعليها الاعتماد، واللفظ لا عبرة به، فلم يؤثر كما لا يؤثر اختلاف النيّة فيما يعتبر له اللفظ دون النية" (٢).

وقد استدلَّ الاحناف بأدلة منها:

١ - مجرد النيّة لا عبرة به لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "إنّ الله عفا لي عن أمتي ما حدَّثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل" (٣).

٢ - الإحرام عقد على أداء عبادة تشتمل على أركان مختلفة كالصلاة، وكلّ ما كان كذلك فلا بدّ للشروع فيه من ذكر يقصد به التعظيم، سواء أكان تلبية أم غيرها، أو ما يقوم مقام الذكر كتقليد الهدي (٤).

٣ - واحتجوا بما رواه السائب يزيد (٥) الأنصاري عن رسول الله صلى الله

عليه وسلم: "جاءني جبريل فقال: يا محمد، مُرْ أصحابك أن يرفعوا أصواتهم

بالتلبية" (٦).

٤ - وقاسوا الحج على الهدي والأضحية، فهما لا يجبان بمجرد النيّة، فالنسك ينبغي أن يكون كذلك (٧).


(١) هو محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، فقيه مجتهد، كان شيخ الحرم بمكة، له (تفسير القرآن)، و (اختلاف الحديث)، عاش ما بين (٢٤٢ - ٣١٩ هـ). (طبقات الحفاظ ص ٣٢٨)، (الأعلام ٦/ ١٨٤).
(٢) المغني لابن قدامة (١/ ٢٨٢).
(٣) تحفة الفقهاء (١/ ٦٠٩)، والحديث سبق تخريجه.
(٤) شرح العناية (٢/ ١٣٩).
(٥) هو السائب بن يزيد بن سعد الكندى، صحابي حج مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- صغيرا، وهو آخر من توفي من الصحابة في المدينة (سنة ٩١ هـ). (تهذيب التهذيب ٣/ ٤٥٠)، (الكاشف ١/ ٣٨٧).
(٦) رواه النسائي والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، ومالك وأبو داود وابن ماجه والدارمي (مشكاة المصابيح ٢/ ١٢)، وقال محقق المشكاة إسناده صحيح.
(٧) المغني لابن قدامة (٣/ ٢٨٢).

<<  <   >  >>