للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الأدلة التي ساقوها لا تنهض على الاستدلال للمسألة:

أولا: لأن حديث "إن الله عفا لي عن أمتي ... " استدلال في غير محله، فالمعفو عنه حديث النفس، والنيّة في الحج ليست حديث نفس، بل هي عزم مصمم، والعزم المصمم غير معفو عنه، كما سيأتي تحقيقه.

ثانيا: وعلى فرض أن النيَّة داخلة في الحديث، فالشرط ألَّا تتكلم أو تعمل، والحاجّ لا بد له من العمل من سفر، وترك لما حرم عليه فعله، فالناوي داخل في الحديث.

ثالثا: قولهم إن ما كان مثل الحج لا بد له من ذكر في أوله حتى يصح الشروع فيه، وقياسهم الحج على الصلاة، كل ذلك منقوض:

١ - بإجازتهم عملاً من خصوصيات الإحرام، فإنه ينوب عندهم عن الذكر، وهذا لا يجوز في الصلاة.

٢ - بأن الصلاة في آخرها ذكر يخرج به المصلي من صلاته، فيلزمهم أن يقولوا مثل ذلك في الحجِّ، وإن جاز لهم أن يقيسوا الحج على الصلاة، فكيف يكون ردّهم على من قاس الحج على الصيام، والصيام لا ذكر في أوله ولا في آخره!

رابعا: خبر السائب بن يزيد ليس مرادا به الوجوب بل الاستحباب، فإنَّ منطوقه رفع الصوت، ولا خلاف في أنه غير واجب، فما هو من ضرورته أولى، ولو وجب النطق لما لزم كونه شرطا، فإن كثيرا من واجبات الحج غير مشترطة فيه (١).

خامسا: إننا نفرق بين الحج، والأضحية والهدي، إذ الحج عبادة بدنية، والأضحية والهدي إيجاب مال فأشبها النذر (٢).


(١) المغني لابن قدامة (٣/ ٢٨١).
(٢) المغني لابن قدامة (٣/ ٢٨١).

<<  <   >  >>