للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عند رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربَّه، ويصل رحمه، ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل.

وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا، فهو صادق النية، يقول: لو أنّ لي مالا لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، فأجرهما سواء.

وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما، يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربَّه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم فيه حقا، فهذا بأخبث المنازل.

وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما، فهو يقول: لو أنَّ لي مالا لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء" (١).

فهذا فمن كانت إرادته جازمة على الفعل إذا قدر على مثل ما قدر عليه صاحب المال، وإلّا إذا لم تكن النيّة جازمة، وعلم الله منه ذلك، فلا ينال ذلك الأجر الذي يحصله صاحب المال المنفق المتصدِّق، يؤيده قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} (٢).

١١ - قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى فراشه، وهو ينوي أن يقوم يصلي من اللّيل، فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه" (٣).

فقد أثاب الله هذا النائم الذي لم يَصْحُ -لمّا عزم على القيام- إثابة الذي قام فصلى، وما ذلك إلاّ لإرادته التامة الجازمة.

١٢ - أن الإثابة والعقوبة على الأفعال المتولدة من فعل العبد:


(١) رواه أحمد، (٤/ ٢٣٠، ٢٣١)، والترمذي (كتاب الزهد ١٧) قال: حديث حسن صحيح، ورواه ابن ماجه (٢/ ١٤١٣).
(٢) سورة التوبة (٧٥ - ٧٦).
(٣) حديث حسن: رواه النسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم.

<<  <   >  >>