للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شديد التأكيد، ولم يكن واجبا، وهذا صحيح مذهب الشافعية" (١).

واستدلّوا على أنَّ صومه لم يكن واجبا بحديث معاوية بن أبي سفيان (٢) الذي خطب به على منبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المدينة قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر" (٣).

فقوله صلى الله عليه وسلم: "ولم يكتب عليكم صيامه"، وقوله: "من شاء فليصم، ومن شاء فليفطر"، ظاهر الدلالة في أنَّه لم يكن واجبا قط، بل هو نصّ في ذلك.

ومما يؤكد هذا أنه لم يصح أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر من كان أكل بقضائه.

والتحقيق أنَّ صوم عاشوراء كان واجب الصوم، وأن وجوبه نسخ عندما فرض الله صوم رمضان، والذي يدلّ على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بصيام عاشوراء، فلما فرض رمضان كان من شاء صام، ومن شاء أفطر" (٤). وفي الحديث الآخر قالت عائشة: "فلما قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلمّا فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء ترك صيامه" (٥).

قال ابن حجر في فتح الباري: "ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبا لثبوت الأمر بصومه، ثمَّ تأكد الأمر بذلك، ثم زيادة التأكيد بالنداء العام، ثم زيادته


(١) المجموع (٦/ ٣٣٧).
(٢) هو معاوية بن أبي سفيان القرشي الأموي، مؤسس الدولة الأموية بالشام، وأحد دهاة العرب، كان فصيحا حليما وقورا، عمل كاتبا للوحي بعد إسلامه، ولد سنة (٢٠) قبل الهجرة بمكة، وتوفي في سنة (٦٠ هـ).
(تهذيب التهذيب ١٠/ ٢٠٢)، (خلاصة تذهيب الكمال ٣/ ٣٩)، (الكاشف ٣/ ١٥٧).
(٣) صحيح البخاري (٦٩ كتاب الصوم)، فتح الباري (٤/ ٢٤٤).
(٤) صحيح البخاري (٦٩ كتاب الصوم)، فتح الباري (٤/ ٢٤٤).
(٥) صحيح البخاري (٦٩ كتاب الصوم)، فتح الباري (٤/ ٢٤٤).

<<  <   >  >>