للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[صفة النية في الصوم]

أما الصوم فلا يتأدى بمجرد نية الفعل، بل لا بد من أن ينوي صوم رمضان، والسبب في هذا أنَّ الصوم منه التطوع ومنه الواجب، والواجب قد يكون عن رمضان أو كفارة أو نذر، ولا يتميز رمضان عما سواه إلاّ بقصده قصدا واضحا بحيث لا يختلط بغيره.

وهذا مذهب الِإمام مالك والشافعي، وأحمد في أظهر روايتيه، بل إنَّ هؤلاء الأئمة الأعلام قالوا بوجوب نيّة الفرضية في الصوم، وممن قال بذلك إسحق وداود الظاهري، وإن كان الأرجح في مذهب الشافعية والحنابلة عدم اشتراطها.

وخالف الإمام أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- وجميع أصحابه، فقالوا: يتأدى صوم شهر رمضان بنية مطلقة من المقيم الصحيح، بل ويتأدى عندهم بنيّة النفل، ونيّة القضاء والكفارة، وحجّة أبي حنيفة عدم قابلية المحل؛ لأن شهر رمضان متعين لصوم الفرض لمن شهده صحيحا غير مريض، واحتجوا بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (١). والصحيح المقيم شهد الشهر وصامه، فيخرج من العهدة.

وقد أوردنا فيما سبق اعتراض الشافعي -رحمه الله- أن الواجب الموسع قد يتضيق كما لو أخر صلاة الظهر إلى آخر وقتها بحيث لم يبق من الوقت إلا ما يكفي صلاة الفرض، فيلزم الأحناف بناء على ذلك القول بأن الفريضة هنا تتأدى بنية النافلة، إلا أن الأحناف يفرقون بين ما تضيق بحكم شرعي أصلي كرمضان، وبين


(١) سورة البقرة / ١٨٥.

<<  <   >  >>