للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهم القرافي (١) -رحمه الله- قال: "هي قصد الِإنسان بقلبه ما يريده بفعله" (٢).

وقال الخطابي (٣) رحمه الله: "النيَّة قصدك الشيء بقلبك، وتحري الطلب منك له، وقيل: عزيمة القلب" (٤).

وتعريف النية بالقصد والعزم مذهب قوي يدلّ عليه أنّه مدلول الكلمة في لغة العرب، فالقصد والعزم على ذلك قسمان للنية، وقد خصَّ إمام الحرمين العزم بالفعل المستقبل، والقصد بالفعل الحاضر المتحقق، يقول في ذلك: "النية إن تعلقت بفعل مستقبل فهي عزم، وإن تعلقت بفعل حاضر سميت قصدا تحقيقيا" (٥).

ويرى ابن قيم الجوزية (٦) -رحمه الله تعالى- أنَّ النية هي القصد بعينه، إلاّ أنَّ بينها وبين القصد فرقين:

أحدهما: أنَّ القصد معلق بفعل الفاعل نفسه وبفعل غيره، والنية لا تتعلق إلاّ بفعل نفسه، فلا يتصور أن ينوي الرجل فعل غيره، ويتصور أن يقصده ويريده.

ومن هذه الزاوية يكون القصد أعمَّ من النيّة.


(١) هو أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي المصري المالكي، أخذ عن العز بن عبد السلام، وعن ابن الحاجب، له مؤلفات نافعة مثل (التنقيح في الأصول)، و (شرح المحصول)، و (الذخيرة) في الفقه. توفي في عام (٦٨٤ هـ)، وكانت ولادته سنة (٦٢٦ هـ).
(معجم المؤلفين ١/ ١٥٨).
(٢) الذخيرة (١/ ١٣٤)، مواهب الجيل (٢/ ٢٣٠).
(٣) هو حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي، فقيه محدّث، من نسل زيد بن الخطاب، له كتاب (معالم السنن)، و (غريب الحديث) - ولد في سنة (٣١٩ هـ)، وتوفي في (بست) من بلاد (كابل) سنة (٣٨٨ هـ).
(طبقات الحفاظ ص ٤٠٣)، (الأعلام ٢/ ٢٠٤).
(٤) (العيني على البخاري (١/ ٣)، منتهى الآمال.
(٥) نهاية الإحكام (ص ٧).
(٦) هو محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي، عالم فقيه أديب مجاهد مصلح، تتلمذ على ابن تيمية، وانتصر له، وسجن معه بدمشق، من مصنفاته -وهي كثيرة جدا- "إعلام الموقعين"، و"مدارج السالكين". ولد في سنة (٦٩١ هـ) وتوفي في سنة (٧٥١ هـ).
شذرات الذهب (٨/ ٤٣٤)، (الأعلام ١/ ١٨٩).

<<  <   >  >>