للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والغزالي يرى صحة العبادة ممّن لا يميز الفرائض من السنن، بشرط ألا يقصد التنفل بما هو فرض، فإن قصده لم يعتدّ به، وإن غفل عن التفصيل فنيّة الجملة كافية، واختار رأي الغزالي هذا النووي في الروضة (١).

وهذا القول غريب منهما، لأنَّهما اشترطا شرطا يهدم ما قرراه، فإنَّ الذي لا يميز لا يمكنه أن يقصد الفرض أو النفل دون غيره، وليس لدينا ضمانة في أنه لن يقصد الفرض بالنافلة، أو النافلة بالفرض، فهو غير مميز كما افترضاه.

نيّة الصبي المميز

أمّا الصبيّ المميز فالنية منه تقع صحيحة، وقد أمرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن نأمر أولادنا بالصلاة لسبع، وأن نضربهم عليها لعشر (٢).

وقد كان الصحابة يصوّمون الصبيان في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان عمرو بن سلمة يؤمّ قومه وهو ابن سبع سنين (٣)، ولو كان هذا غير جائز لنهاهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- عنه. والأدلة على صحة النية من الصبي المميز كثيرة.

وعلى ذلك فالصبي -كما يقول النووي- طهارته كاملة، فلو تطهر، ثم بلغ على تلك الطهارة، جاز أن يصلي بها، فالصبية إذا جومعت، ثم اغتسلت، ثم بلغت، لم يجب عليها إعادة الغسل، فإذا لم تغتسل، ثم بلغت، وجب عليها الغسل بلا خلاف (٤).

وحكى النووي عن المزني بأن طهارة الصبيّ ناقصة، فيلزمه الِإعادة إذا بلغ،


(١) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص ٣٦).
(٢) قال السخاوي: رواه أبو داود، والحاكم، والترمذي، والدارقطني، (المقاصد الحسنة ص ٣٨).
(٣) الحديث رواه البخاري، انظر المشكاة (١/ ٣٥٢).
(٤) مجموع (٣/ ٣٨٤)، وهذا الذي ذكره النووي في تصوره صعوبة، إذ كيف يبلغ الصبي أو الصبية ويبقيان طاهرين، يصليان بالطهارة السابقة؟

<<  <   >  >>