للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلاة هي بعينها، صلى الصلوات الخمس، ينوي بكلّ واحدة منهن الصلاة الفائتة له" (١).

وهذا القول هو مذهب أبي حنيفة (٢)، وهو مذهب المالكية والحنابلة أيضا (٣).

ويشكل على هذا القول ما قرره من أن النية لا بد أن تكون جازمة، وهنا لا جزم، وقد علل العز بن عبد السلام مذهب القائلين بالصحة: "أن الأصل وجوب كلّ واحدة من الصلوات في ذمته، فصحت لذلك نيته، ولظنه بقاء كل صلاة في ذمته" (٤).

وتعليل القرافي: "أن الشرع جعل شكَّه سببا لإيجاب الجميع، فالجميع معلوم الوجوب" (٥).

أما النووي فيجعل ذلك من باب الاضطرار المعفو عنه (٦).

وذهب ابن حزم إلى ما ذهب إليه الأوزاعي من أن الواجب على هذا الذي فاتته صلاة لا يدري عينها، أن يصلي أربع ركعات يجلس بعد الثانية والرابعة، ثم يسجد للسهو، وأن عليه أن ينوي في ابتدائه إياها أنها التي فاتته في علم الله تعالى (٧).

وابن حزم هنا يوجه النيّة إلى الصلاة الفائتة بلا تحديد، وهو بذلك لا شكّ ولا يتردّد، ويجعل هذا المصلي كالرجل الذي شكَّ في صلاته أصلى ركعتين أم ثلاثا


(١) الأم (١/ ٨٦).
(٢) حاشية ابن عابدين (١/ ٣٠٦).
(٣) الحطاب على خليل (١/ ١٧٣)، المغني لابن قدامة (١/ ٤٦٦).
(٤) قواعد الأحكام (١/ ١٢٦).
(٥) الذخيرة (١/ ٢٤١).
(٦) المجموع (١/ ٣٨٢)، ويحسن أن نثبت رأي ابن تيمية، فهو يري صحة الطهارة والصوم والزكاة مع الشك، لأن المؤدي يقصدها دون غيرها، والتردد كائن في الاعتقاد: هل هي واجبة أم لا؟ أما القصد فهو متجه إلى الفعل، ولا شك فيه، مجموع الفتاوى (٢٣/ ٣٩٠).
(٧) المحلى (٤/ ١٨٢).

<<  <   >  >>