للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - فمنهم من يرى أنّ الأمر يعود إلى حاجة كلّ من العبادتين إلى النية، فأحكام النيات في الصلاة مغلظة عنها في الحجِّ والعمرة، فالمصلّي يناجي ربّه، فيجب أن يقبل عليه، ولا يلتفت إلى غيره، لأنَّ ذلك من سوء الأدب، وفي الصلاة نهي عن الفعل الكثير، وأمر باستقبال جهة واحدة، لأنَّه أكمل في الإقبال على مناجاة ذي الجلال.

٢ - ومنهم من لاحظ طبيعة كل من العبادتين، فقد علمنا أنَّ الشارع لا يبطل الحجَّ بأقوى المفسدات كالجماع، ويأمر بإتمام العبادة، فالمحظورات لا تؤثر في الخروج من العبادة بخلاف الصلاة، ورأينا الشارع يصحح عبادة الحاجّ الذي نوى مهما إحرامه، أو نوى النفل، وعليه حجة الإسلام، فيقع عن الفرض.

٣ - ومنهم من نظر إلى أنَّ جانب العبد في الصلاة أكثر وأعظم منه في الحج والعمرة، فهاتان العبادتان تدخلهما الأعمال المالية والبدنية، وقد عهد من الشارع عدم إيجاب النيّة في جنس هذه الأعمال من غير العبادات.

٤ - ولاحظ بعضهم أنَّ الحج والعمرة عبادتان شاقتان فناسب أن يقال بعدم تأثير الرفض دفعا للمشقة الحاصلة (١).

وبقية العبادات: من العلماء من يلحق بعضا منها بالحجّ والعمرة في عدم اعتبار رفض النيّة في العبادة، ومنهم من يلحقه بالصلاة لشيء من الاعتبارات التي ذكرناها بين العبادتين.

فالصوم مثلا فيه قولان مشهوران عند العلماء: فالذي يلحقه بالصلاة لاحظ أن تأثير النيَّة فيه قوي كالصَّلاة، وأن طبيعة كل من العبادتين متقاربة إذ تبطلان بفعل شيء من مبطلاتهما (٢).


(١) راجع في هذه التعليلات: المجموع (٦/ ٣٣١ - ٣٣٢)، نهاية الإحكام (ص ٤٥)، قواعد الأحكام (١/ ٢١٤ - ٢١٥)، الحطاب على خليل (١/ ٢٤٠)، الذخيرة (١/ ٥١١).
(٢) في صحه الصوم قولان مشهوران في مذهب الشافعية إذا رفضت نيته، أصحهما لا يبطل (المجموع ٦/ ٣٣١)، ومذهب المالكية القول بالبطلان (الذخيرة ١/ ٥١١).

<<  <   >  >>