للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الإمام يصبح مأموما]

وقد فعل ذلك أبو بكر الصديق (١) -رضي الله عنه- عندما تغيَّب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فتقدَّم أبو بكر فصلَّى بالنَّاس، وحضر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أثناء الصَّلاة، فتأخر أبو بكر فأصبح مأموما، وتقدَّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأمَّ النَّاس. (٢).

والمجد ابن تيمية جعل هذه الصورة جائزة إذا استخلف الِإمام فحضر، والصّلاة قائمة، فمن حقه أن يتقدم، ويرجع من استخلفه، وابن عبد البرّ يجعل هذا من خصائص الرسول -صلى الله عليه وسلم- وينقل الِإجماع على أن ذلك لا يجوز لغيره، والإجماع الذي ذكره ابن عبد البرّ غير صحيح، فالخلاف في هذا مشهور وثابت، والصحيح المشهور عند الشافعية الجواز (٣)، أما أنَّ هذا من خصوصياته -صلى الله عليه وسلم- فهو قول متجه، يدلُّ عليه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما استفسر من أبي بكر عن سبب تأخره وعدم استمراره في الإمامة قال: "ما كان لابن أبي قحافة أن يصلّي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فلم ينكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.

والِإشكال الذي يسبّبه إجازة الائتمام بإمام جاء بعد أن كبر الناس تكبيرة الِإحرام - أن المأموم هنا كبر قبل إمامه، وقد جوّز ابن حزم تكبير المأموم قبل الِإمام في أربعة مواضع:

أولها: صورة المسألة وهي إذا غاب الإمام الراتب، فتقدَّم من صلَّى بالناس، وحضر الإمام الراتب في أثناء الصلاة، فيجوز أن يتقدم الإمام الراتب، فيصلي، ويتأخر الِإمام المستخلف، ليكون من المأمومين.


(١) هو عبد الله بن أبي قحافة: عثمان بن عامر التيمي القرشي، صاحب رسول الله، وأول الخلفاء الراشدين، له في مناصرة الإسلام وتثبيت أركانه مواقف مشهودة، وكان شجاعا حليما خطيبا، توفي بالمدينة سنة (١٣ هـ).
(٢) رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والنسائي، (نيل الأوطار ٣/ ١٥٧).
(٣) راجع نيل الأوطار (٣/ ١٥٧).

<<  <   >  >>