للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك فالرواية ليست شاذّة، وقد نص علماء الفقه والحديث والأصول على أنَّ الزيادة من الثّقة مقبولة، ولذا فإنَّ النووي يرى أنَّه لا حجة في الحديث.

وقد ذهب الحنابلة إلى جواز مفارقة المأموم لِإمامه لعذر يحصل له: تعب، أو مرض، أو نوم يغالبه. ومفارقته بغير عذر عندهم فيها روايتان:

إحداهما: تفسد، والثانية: تصحّ. واحتجوا بالقياس: فالمنفرد لو نوى كونه مأموما لصحَّ في رواية، فنيَّة الانفراد أولى، فإن المأموم قد يصير منفردا بغير نيّة، وهو المسبوق إذا سلَّم إمامه، وغيره لا يصير مأموما بغير نيَّة بحال.

وفي هذه المسألة يقول النووي: "اتفق الشافعي والأصحاب على الاستدلال بحديث جابر: "أنَّ معاذا أطال بالصلاة ... " على أنَّ المأموم له أن ينفرد عن إمامه من غير عذر، لأن إطالة القراءة ليس عذرا. واحتج به آخرون على جواز المفارقة بعذر، لأنَّ التطويل بالقراءة عذر، وذكر النووي أن الشافعية لهم في المسألة ثلاثة أقوال:

(١) صحتها إذا نوى المفارقة وبنى على صلاته مع الكراهة، وبطلانها إن لم ينو ذلك.

(٢) أنها تبطل مطلقا.

(٣) قول في القديم تبطل بدون عذر (١).

المنفرد يتحوّل إلى مأموم

إذا دخل رجل المسجد فظن أنَّ الصَّلاة قد أقيمت فصلى لنفسه، ثم ثبت خطأ ظنة فأقيمت الصلاة، أو أن الصلاة كانت قد انتهت فعلا، ثم أقيمت جماعة أخرى، فهل يجوز أن يقتدي بهم فيما تبقى من صلاته، مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد أنه لا يجوز له ذلك، فإن فعل بطلت صلاته (٢).


(١) راجع في هذه المسألة: المغني لابن قدامة، والمجموع (٤/ ١٤٦)، ونيل الأوطار (٣/ ١٥٣)، فتح الباري (٢/ ١٩٤ - ١٩٥).
(٢) المجموع (٤/ ١٠٦)، المغني (٢/ ٢٣٢).

<<  <   >  >>