للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العشاء الآخرة، قال أصبت (١).

٥ - ومما يحتجُّ به في هذا المجال ولم يورده الشافعيّ -رحمه الله- حديث جابر أنَّ عمرو بن سلمة أمَّ قومه وهو ابن سبع سنين (٢)، وكان ذلك بأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث أمرهم أن يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله، فكان عمرو هذا أقرأهم، ولو كان لا يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل لما جاز إمامة الصغير الذي لم تفرض عليه الصلاة للكبار المكلفين.

٦ - ومن أوضح الأدلة الحديث الكبير القدر والفائدة وهو العمدة في الموضوع وقد رواه الشافعي وأهل الصحاح والمسانيد عن جابر بن عبد الله "أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يرجع إلى قومه، فيصلّي بهم تلك الصلاة" (٣).

وفي بعض روايات الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاة معاذ الثانية بقومه: "هي له تطوع، ولهم فريضة" (٤).

وقد ردَّ الفريق المانع على حديث معاذ هذا بردود ضعيفة. منها: أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يعلم بصلاة معاذ هذه، والرواية الأخيرة التي أوردتها تدلّك على بطلان هذا الزعم، وفي الصحاح روايات أخرى تدلُّ جزما على علم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بصلاة معاذ وإقراره له.

ومن الإِجابات الضعيفة أن معاذا كان يصلي مع الرسول النافلة مأموما، ثم يصلّي بقومه الفريضة إماما، وهذا بعيد، إذ كيف يحضر فرض الوقت، فيؤخره ويصلّي نافلة، وكيف يفوّت صحابي -كمعاذ- حريص على الخير والأجر العظيم الذي


(١) الأم (١/ ١٥٣).
(٢) رواه البخاري في صحيحه والنسائي والطبراني وأبو داود. تلخيص الحبير (٢/ ٣٤).
(٣) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما. انظر تلخيص الحبير (٢/ ٣٧)، ورواه الشافعي في الأم (١/ ١٥٣).
(٤) قال ابن حجر في الفتح (٢/ ١٩٦). حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح رواه الشافعي والطحاوي والدارقطني وغيرهم.

<<  <   >  >>