للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[موقف الدين أجازوا النيابة في بعض العبادات من حجج المجيزين مطلقا]

عرضنا موقف المانعين من النيابة تجاه النصوص الدالّة على جواز النيابة، فما موقف غيرهم من العلماء؟.

جماهير العلماء كما ذكرنا في مقدمة هذا الفصل احتجّوا على جواز النيابة في الحجّ بالأحاديث الأربعة الأولى (١)، فقد أذن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيها للخثعمية، وللخثعمي، ولأبي رزين العقيلي، بالحجّ عن آبائهم.

وأقرّ ذلك الملبي عن شبرمة بالحجِّ عنه، وإنما اعترض عليه في أمر آخر، وهو أن عليه أن يحج عن نفسه أولا، ثم ليحجَّ بعد ذلك عن شبرمة، ومما يستأنس به أنه -صلى الله عليه وسلم- أذن للولي أن ينوي عن الصغير في الحجّ (٢).

والشافعي ومن معه أجازوا أن يحجّ المرء نيابة عن غيره، ولكنه منع النيابة في الصوم مطلقا، وعندما قيل له: لم فرّقت بين الصوم والحج؟ قال: "قد فرّق الله بينهما، فإن قال: أنى؟ قلت: فرض الله الحجّ على من وجد إليه سبيلا، وسنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقضى عمَّن يحج، ولم يجعل الله ورسوله من الحج بدلا غير الحج".

وفرض تعالى الصوم، فقال: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (٣)، فقيل: يطيقونه: كانوا يطيقونه، ثم عجزوا عنه، فعليهم في كل يوم طعام مسكين (٤) ".

وبهذا فرّق بين الصلاة والحج فقال:


(١) من أدلة المجيزين مطلقا.
(٢) رواه مسلم عن ابن عباس أن امرأة رفعت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم- صبيًا قائلة ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر". انظر شرح النووي على مسلم (٩/ ٩٩).
(٣) سورة البقرة / ١٨٤.
(٤) اختلاف الحديث، انظر هامش الأم (٢/ ٨٩).

<<  <   >  >>