للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا يفتَقِر إلى النِّيَّة وَمَا لاَ يفتقِر إليَهَا

سنحاول أن نفصل القول في هذا الفصل في ما يفتقر إلى النيَّة من العبادات، وما لا يفتقر إليها، مع بيان مذاهب العلماء في ذلك.

[إزالة النجاسات]

إزالة النجاسات من البدن، أو الثوب أو المكان، لا تفتقر إلى نيّة، ولم يخالف في هذا إلا قليل من متأخري الحنابلة، والشافعية (١)، وقد نسب محققو المذهبين هؤلاء الذين أوجبوا النيّة في إزالة النجاسة إلى الشذوذ (٢).

وحجّة جمهور العلماء أن إزالة النجاسات من باب التروك، ولذا لا تلزمها النيّة.

وكأن الذين أوجوا النيّة في إزالة النجاسات نظروا إلى أن الشارع قد أوجب عليهم التطهر من الخبث، كما أوجب عليهم التطهر من الحديث، فتكون من باب المأمورات التي لا تكفي صورتها في تحصيل مصلحتها، فتحتاج إلى النيَّة (٣).

والردّ عليهم أنَّ الطهارة من الحديث لا بدّ لها من النية، لأنَّها طهارة حكمية، أما النجاسات فإنها محسوسة، والمطلوب إزالة عينها، وإزالة عين النجاسة لا تتوقف


(١) ممن خالف في هذا من الشافعية: ابن سريج وأبو سهل الصعلوكي، وقيل إن هذا لا يصح عن أبي سهل الصعلوكي. (راجع: المجموع (١/ ٣٦١)، والعيني على البخاري (١/ ٣٢). وحكاه القرافي في الذخيرة (١/ ٨٢)، قولا في مذهب الشافعية، وحكاه ابن تيمية قولا لمتأخري الشافعية والحنابلة. مجموع الفتاوى (١٨/ ٢٥٧، ٢٥٨).
(٢) من هؤلاء المحققين النووي في شرحه على مسلم قال "وأما إزالة النجاسة فالمشهور عندنا أنها لا تفتقر إلى نية، وشذَّ بعض أصحابنا فأوجبها وهو باطل". ومنهم ابن تيمية قال: "وهذا القول شاذ، فإن إزالة النجاسة لا يشترط فيها عمل العبد" مجموع الفتاوى (١٨/ ٢٥٧).
(٣) الذخيرة (١/ ١٨٢).

<<  <   >  >>